للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ عبدِ البرِّ : أجمَع المُسلمونَ على أنَّ الوُقوفَ بعَرفةَ لَيلًا يُجزِئُ عن الوُقوفِ بالنَّهارِ، إلا أنَّ فاعِلَ ذلك عندَهم إذا لم يَكنْ مُراهِقًا ولم يَكنْ له عُذرٌ فهو مُسيءٌ، ومن أهلِ العِلمِ من رَأى عليه دَمًا، ومنهم من لم يَرَ شيئًا عليه، وجَماعةُ العُلماءِ يَقولونَ: إنَّ من وقَف بعَرفةَ لَيلًا أو نَهارًا بعدَ زَوالِ الشَّمسِ من يومِ عَرفةَ مُدرِكٌ للحَجِّ إلا مالكَ بنَ أنسٍ، فإنَّه انفرَد بقولِه الذي ذكَرناه عنه، ويَدلَّ على أنَّ مَذهبَه والفَرضَ عندَه الوُقوفُ باللَّيلِ دونَ النَّهارِ، وعندَ سائرِ العُلماءِ: اللَّيلُ والنَّهارُ في ذلك سَواءٌ إذا كان بعدَ الزَّوالِ (١).

حُكمُ الوُقوفِ بنَمِرةَ أو عُرَنةَ لازدِحامِ عَرفةَ:

ما نَراه في هذه الأزمانِ من ازدِحامٍ في المَشاعرِ وامتِلاءِ هذه المَشاعرِ بالحُجاجِ، هل يُعفِي الحاجَّ من الوُقوفِ في المَشعَرِ المُحَدَّدِ؟ فالذي عليه عامَّةُ أهلِ العِلمِ الحَنفيةُ (٢) والشافِعيةُ (٣) والحَنابلةُ (٤) وبعضُ المالِكيةِ (٥)، بل حُكيَ فيه الإجماعُ أنه لا يَجوزُ الوُقوفُ بنَمِرةَ ووادي عُرَنةَ.

قال ابنُ قُدامةَ : وليس وادي عُرَنةَ من المَوقفِ ولا يُجزِئُه الوُقوفُ فيه.


(١) «الاستذكار» (٤/ ٢٨٣).
(٢) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٢٥)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ٤٨٤).
(٣) «المجموع» (٨/ ١٠٥، ١٠٦).
(٤) «المغني» (٥/ ١٥).
(٥) «التمهيد» (٢٤/ ٤٢٠، ٤٢١)، و «تفسير القرطبي» (٢/ ٤١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>