للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاعتِبارُ بما قصَدَه في قَلبِه، وهوَ قصَدَ مُعيَّنًا مَوصُوفًا ليسَ هوَ هذا العَينَ (١).

وقالَ الطُّوفِيُّ الحَنبليُّ : أمَّا النَّاسِي والسَّكرانُ ففي طلاقِهما اختِلافٌ بيْنَ العُلماءِ، وعَن أحمَدَ في النَّاسِي قَولانِ، وفي السَّكرانِ أقوالٌ، ثالِثُها الوَقفُ، والمَشهورُ بيْنَ الأصحابِ فِيهما الوُقوعُ، والأشبَهُ عدَمُه؛ لأنَّهما غَيرُ مُكلَّفَينِ، ولا عِبادةَ لغَيرِ مُكلَّفٍ.

فإنْ جَعلُوا الوُقوعَ فيهما سَببًا عارَضَهم في النَّاسِي قَولُه : «عُفِيَ لأمَّتِي عَنِ الخَطأِ والنِّسيانِ» (٢).

الصُّورةُ الثَّانيةُ: أنْ يُعلِّقَ طلاقَها على فِعلِ شَيءٍ فيَفعلُه ناسِيًا:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الرَّجلِ يُعلِّقُ طلاقَ زَوجَتِه على فِعلِ شيءٍ فيَفعلُه ناسِيًا، كأنْ يَحلِفَ الرَّجلُ بطَلاقِ امرَأتِه أنْ لا يَدخُلَ دارَ فُلانٍ أو لا يأكُلَ مِنْ طَعامِه أو لا يُكلِّمَ فُلانًا ونَحوهُ ثمَّ نَسِيَ فدخَلَ دارَه أو يَفعَلَ غيرَه ناسِيًا، هلْ يقَعُ الطَّلاقُ أم لا؟

فذهَبَ الحنفيَّةُ والمالكيَّةُ والشَّافعيةُ في قَولٍ والحَنابلةُ في المذهَبِ إلى أنَّ العمدَ والنِّسيانَ سَواءٌ في الطَّلاقِ، فمَن علَّقَ طَلاقَ امرَأتِه على فِعلِ شيءٍ ففعَلَه ناسِيًا لَزِمَه الطَّلاقُ؛ لأنَّه فعَلَ ما حلَفَ عليهِ قاصِدًا لفِعلِه، فلَزمَه الطَّلاقُ كالذَّاكِرِ.


(١) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٥٨٠).
(٢) «شرح مختصر الروضة» (١/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>