يُشترَطُ في العَملِ المَعقودِ عليه في الجَعالةِ عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ أنْ يَكونَ مُباحًا، له فائِدةٌ، وأنْ يَكونَ ممَّا تَصحُّ فيه الإجارةُ، وأنْ يَكونَ فيه كُلفةٌ، عندَ بعضِهم، وإلَيكَ تَفصيلًا:
أوَّلًا: أنْ يَكونَ مُباحًا:
يُشترَطُ في العَملِ المُجاعَلِ عليه عندَ المالِكيَّةِ والشَّافِعيَّةِ والحَنابِلةِ أنْ يَكونَ مُباحًا، لا مَحرَمًا، كَمِزمارٍ وغِنَاءٍ، فما يَجوزُ أخْذُ العِوَضِ عليه في الإجارةِ مِنْ الأعمالِ يَجوزُ أخْذُ العِوَضِ عليه في الجَعالةِ، وما لا يَجوزُ أخْذُ العِوَضِ عليه في الإجارةِ، كالغِناءِ والزَّمرِ وسائِرِ المُحرَّماتِ، لا يَجوزُ أخْذُ الجُعلِ عليها، لقولِ الله تَعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢](١).
ثانيًا: أنْ يَكونَ ممَّا تَصحُّ فيه الإجارةُ:
قالَ المالِكيَّةُ: كلُّ شَيءٍ جازَ فيه الجُعلُ، كَحَفرِ الآبارِ في المَواتِ، جازَتْ فيه الإجارةُ، وليسَ كلُّ ما جازَتْ فيه الإجارةُ يَجوزُ فيه الجُعلُ، كَخِياطةِ ثَوبٍ، وخِدمةِ شَهرٍ، وبَيعِ سِلَعٍ كَثيرةٍ، وحَفرِ الآبارِ في مِلْكِه، وإنَّما امتَنَعَ الجُعلُ في هذه الأُمورِ مثلًا؛ لأنَّه يَبقَى لِلجاعِلِ فيه مَنفعةٌ إنْ لَم يُتِمَّ
(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٣٣)، و «المختصر الفقهي» (١٢/ ٢٩٤)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٦٣)، و «منح الجليل» (٨/ ٦٣)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٩٠) «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٠٧)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٤٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٨٠).