للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُنذرِ وأصحابُ الرأيِ، وقالَ الحَسنُ: له أنْ يُلاعِنَ لنفيِه ما دامَتْ أمُّه عندَه يَصيرُ لها الوَلدُ ولو أقَرَّ به، والذي عليهِ الجُمهورُ أَولى؛ فإنه أقَرَّ به، فلمْ يَملكْ جحْدَه كما لو بانَتْ منه أمُّه، ولأنه أقَرَّ بحَقٍّ عليهِ لم يُقبَلْ منه جَحدُه كسائرِ الحُقوقِ (١).

الشَّرطُ الثَّالثُ: عَدمُ الإقرارِ:

يُشترطُ لنَفيِ الوَلدِ أنْ لا يُقِرَّ الزوجُ قبلَ النفيِ صَراحةً أو دَلالةً أنَّ هذا الوَلدَ منهُ، بأنْ يقولَ: «هذا وَلدِي، أو هذا الوَلدُ منِّي» أو يَقبلَ التهنئةَ بالمَولودِ ويَسكُتَ، كما تقدَّمَ في الشَّرطِ الثَّاني على الخلافِ فيهِ، فإنْ أقَرَّ أو سكَتَ عن نَفيِه مع إمكانِه ثبَتَ نَسبُه إليهِ عندَ جَماهيرِ الفُقهاءِ كما تقدَّمَ في الشرطِ السابقِ.

قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : ومنها أنْ لا يَسبقَ النفيَ عن الزوجِ ما يَكونُ إقرارًا منه بنَسبِ الولدِ لا نَصًّا ولا دَلالةً، فإنْ سبَقَ لا يُقطعُ النَّسبُ مِنْ الأبِ؛ لأنَّ النسبَ بعدَ الإقرارِ به لا يَحتملُ النفيَ بوَجهٍ؛ لأنه لمَّا أقَرَّ به فقدْ ثبَتَ نَسبُه، والنَّسبُ حَقُّ الولدِ، فلا يَملكُ الرُّجوعَ عنه بالنفيِ.

فالنَصُّ: نحوُ أنْ يَقولَ: «هذا وَلدِي، أو هذا الوَلدُ منِّي».

والدَلالةُ: هي أنْ يَسكتَ إذا هُنِّئَ ولا يَرُدَّ على المُهنِّئِ؛ لأنَّ العاقلَ لا


(١) «المغني» (٨/ ٦٠، ٦٣)، ويُنظَر: «المبدع» (٨/ ٩٦)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٧٠، ٤٧١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٥٧٤، ٥٧٥)، و «منار السبيل» (٣/ ١٥٠، ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>