ولا فائِدةَ في ذِكرِه إنْ لَم يَجعَلِ القَبضَ شَرطًا في صِحَّتِه؛ ولأنَّه لو مات الراهِنُ قبلَ الإقباضِ لَم يُجبَرْ وارِثُه على الإقباضِ، فلو كان لَازمًا بالقَولِ كالبَيعِ لاستَحَقَّ على وارِثِه الإقباضَ كالبَيعِ، فلَمَّا لَم يَستحِقَّ على وارِثِه الإقباضَ لَم يَستحِقَّ عليه في حياتِه الإقباضَ، كالجَعالةِ.
وهذا الاستِدلالُ قد يَتحَرَّرُ مِنَ اعتِلالِه قياسانِ: أحَدُهما: أنَّه رَهنٌ غيرُ مَقبوضٍ، فوَجَب ألَّا يَلزَمَ تَسليمُه، كالوارِثِ.
وعن الإمامِ أحمدَ في غيرِ المَكيلِ والمَوزونِ: أنَّه يَلزَمُ بمُجرَّدِ العَقدِ؛ قياسًا على البَيعِ، ونَصَّ عليه في رِوايةِ المَيمونيِّ، وقال القاضي في «التَّعليقِ»: هذا قَولُ أصحابِنا، قال في «التَّلخيصِ»: هذا أشهَرُ الرِّوايتَيْنِ، وهو المَذهبُ عندَ ابنِ عَقيلٍ وغَيرِه، وعليه العَمَلُ.
تَفسيرُ القَبضِ وصِفَتُه:
قال الحَنفيَّةُ: القَبضُ عِبارةٌ عن التَّخلِّي: وهو التَّمكُّنُ مِنْ إثباتِ اليَدِ، وذلك بارتِفاعِ المَوانِعِ، وهو يَحصُلُ بتَخليةِ الراهِنِ بينَ المَرهونِ والمُرتَهَنِ، فإذا حَصَلَ ذلك صارَ الراهِنُ مُسلَمًا، والمُرتَهَنُ قابِضًا، وهذا جَوابُ ظاهِرِ الرِّوايةِ.
ورُويَ عن أبي يُوسُفَ ﵀ أنَّه يُشترَطُ معه النَّقلُ والتَّحويلُ، فما لَم يُوجَدْ لا يَصيرُ قابِضًا، وَجهُ هذه الرِّوايةِ أنَّ القَبضَ شَرطُ صِحَّةِ الرَّهنِ، قال