للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصلُ فيه قَولُه تَعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤].

واتَّفَق الأئِمَّةُ الأربَعةُ على أنَّ المَريضَ الذي يَخافُ زِيادةً في مَرضِه بالصَّوم أو إبطاءَ البُرءِ أو فَسادَ عُضوٍ، له أن يُفطِرَ ويَقضيَ، بل يُسَنُّ فِطرُه، ويُكرهُ إتمامُه؛ لأنَّه قد يُفضي إلى الهَلاكِ، فيَجِبُ الاحتِرازُ عنه (١).

المَرضُ الذي يُباحُ له الفِطرُ:

قال الإمامُ النَّوَويُّ نَقلًا عن القاضي عِياضٍ: جُمهورُ العُلماءِ على أنَّ المَرضَ المُبيحَ لِلفِطرِ هو ما يَشُقُّ معه الصَّومُ، وأباحَه بَعضُهم لِكُلِّ مَريضٍ، هذا آخِرُ كَلامِ القاضي (٢).

وقال النَّوَويُّ أيضًا: المَريضُ العاجِزُ عن الصَّومِ لِمَرضٍ يُرجى زَوالُه، لا يَلزمُه الصَّومُ في الحالِ، ويَلزَمُه القَضاءُ، لِما ذكَره المُصنِّفُ، هذا إذا لَحِقه مَشقَّةٌ ظاهِرةٌ بالصَّومِ، ولا يُشترَطُ أنْ يَنتهيَ إلى حالةٍ لا يُمكِنُه فيها الصَّومُ، بل قال أصحابُنا: شَرطُ إباحةِ الفِطرِ أنْ يَلحَقَه مَشقَّةٌ يَشُقُّ احتِمالُها، وأمَّا المَرضُ اليَسيرُ الذي لا يَلحَقُه به مَشقَّةٌ ظاهِرةٌ، لم يَجُزْ له الفِطرُ بلا خِلافٍ عندَنا، خِلافًا لِأهلِ الظاهِرِ.


(١) «الإفصاح» (١/ ٤١١)، و «مراتب الإجماع» لابن حزم ص (٤٠)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ٣٥٠)، و «البدائع» (٦٣٠)، و «مختصر القدوري» (٦٣)، و «الشرح الصغير» (١/ ٤٦٥)، و «المجموع» (٧/ ٤٢٣)، و «المغني» (٤٠/ ٢١٠).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (٨/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>