للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ قُدامةَ : ويَجوزُ التَّوكيلُ في المُضارَبةِ … ؛ لأنَّها في معنَى البَيعِ في الحاجةِ إلى التَّوكيلِ فيها، فيَثبُتُ فيها حُكمُه، ولا نَعلَمُ في شَيءٍ مِنْ ذلك اختِلافًا (١).

الوَكالةُ في المُرابَحةِ والتَّولِيَةِ:

نَصَّ فُقهاءُ المَذاهبِ على صِحَّةِ التَّوكيلِ في المُرابَحةِ والتَّولِيَةِ؛ لأنَّها نَوعٌ مِنْ أنواعِ البَيعِ، قالَ ابنُ قُدامةَ: لا نَعلَمُ خِلافًا في جَوازِ التَّوكيلِ في البَيعِ والشِّراءِ؛ لأنَّ الحاجةَ دَاعِيةٌ إلى التَّوكيلِ فيهِ؛ لأنَّه قَدْ يَكونُ ممَّن لا يُحسِنُ البَيعَ والشِّراءَ، أو لا يُمكِنُه الخُروجُ إلى السُّوقِ، وقَد يَكونُ له مالٌ ولا يُحسِنُ التِّجارةَ فيه، وقَد يُحسِنُ ولا يَتفَرَّغُ، وقَد لا تَليقُ به التِّجارةُ لِكَونِه امرَأةً، أو ممَّن يَتعيَّرُ بها ويَحُطُّ ذلك مِنْ مَنزِلتِه، فأباحَها الشَّرعُ؛ دَفعًا لِلحاجةِ، وتَحصيلًا لِمَصلَحةِ الآدَمِيِّ المَخلوقِ لِعِبادةِ اللَّهِ (٢).

فالمُرابَحةُ والتَّولِيَةُ مِنْ أنواعِ البَيعِ، ولا خِلافَ في جَوازِ التَّوكيلِ فيهِما، وقَد نَصَّ عليهما الفُقهاءُ، قالَ الشَّافِعيَّةُ: تَصحُّ الوَكالةُ في طَرَفَيِ البَيعِ بأنواعِه، كالسَّلَمِ والصَّرفِ والتَّولِيَةِ وغيرِها … ، أي: يَصحُّ التَّوكيلُ فيما له طَرَفانِ فيهِما معًا، أو في أحَدِهِما، وفيما له طَرَفٌ واحِدٌ في ذلك الطَّرَفِ (٣).


(١) «المغني» (٥/ ٥٢)، ويُنظر: المصادر السابقة.
(٢) المصادر السابقة.
(٣) «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩٠)، و «حاشية قليوبي على كنز الراغبين» (٢/ ٨٤٧)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>