للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَم أرَ عن أَحدٍ مِنْ الأَئمةِ قطُّ اشتِراطَ النِّيةِ معَ الشُّروعِ ولا قبلَ الفَراغِ، وإنَّما هذا مِنْ تَصرُّفِ الأَتباعِ (١).

وقالَ ابنُ رُشدٍ : هل تَنفعُ النِّيةُ الحادِثةُ في الاستِثناءِ بعدَ انقِضاءِ اليَمينِ؟ فقيل أيضًا في المَذهبِ إنَّها تَنفعُ إذا حدَثَت مُتصِلةً باليَمينِ، وقيلَ: بل إذا حدَثَت قبلَ أنْ يَتمَّ النُّطقُ باليَمينِ، وقيلَ بلْ استِثناءٌ على ضَربينِ؛ استِثناءٌ مِنْ عددٍ، واستِثناءٌ مِنْ عُمومٍ بتَخصيصٍ أو مِنْ مُطلقٍ بتَقييدٍ فالاستِثناءُ مِنْ العددِ لا يَنفعُ فيه إلا حُدوثُ النِّيةِ قبلَ النُّطقِ باليَمينِ، والاستِثناءِ مِنْ العُمومِ يَنفعُ فيه حُدوثُ النِّيةِ بعدَ اليَمينِ إذا وصَلَ الاستِثناءُ نطقًا باليَمينِ.

وسببُ اختِلافِهم هل الاستِثناءُ مانعٌ للعَقدِ أو حالٌّ له؟ فإنْ قُلنا إنَّه مانعٌ فلا بدَّ مِنْ اشتِراطِ حُدوثِ النِّيةِ في أولِ اليَمينِ، وإنْ قُلنا إنَّه حالٌّ لَم يَلزمْ ذلك، وقد أَنكرَ عبدُ الوَهابِ أنْ يُشتَرطَ حُدوثُ النِّيةِ في أَولِ اليَمينِ للاتِّفاقِ، وزعَمَ على أنَّ الاستِثناءَ حالٌّ لليَمينِ كالكَفارةِ سَواءٌ (٢).

الشَّرطُ الرَّابعُ: أنْ يَكون مَسموعًا:

اختَلفَ الفُقهاءُ هَلْ يُشترطُ في اللَّفظِ أنْ يَكونَ مَسموعًا أم يَكفِي تَحريكُ اللِّسانِ بالاستِثناءِ؟

للحَنفيةِ قَولانِ في المَسألةِ:

أَحدُهما: أنَّه شَرطٌ أنْ يَكونَ مَسموعًا، فلَو حرَّكَ لِسانَه به دونَ سَماعٍ لَم يَصحَّ، وهذا عندَ الهِندوانِيِّ، ورجَّحَه الكاسانِيُّ وصاحبُ «الدُّرّ».


(١) «إعلام الموقعين» (٤/ ٧٩، ٨٠).
(٢) «بداية المجتهد» (١/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>