للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَسألةُ الرابِعةُ: ضَمانُ الأماناتِ

الأماناتُ هي الأعيانُ غَيرُ المَضمونةِ على مَنْ هي في يَدِه، إلا إذا تَعدَّى أو فَرَّط، مِثلَ الوَديعةِ والعَينِ المُستأجرةِ ومالِ الشَّرِكاتِ ومالِ المُضاربةِ. يَعني: هل تُضمَنُ هذه الأشياءُ على مَنْ هي في يَدِه أو لا؟

وقد اختَلفَ العُلماءُ في حُكمِ ضَمانِ الأماناتِ على ثلاثةِ أقوالٍ:

القَولُ الأولُ: إنْ ضمِنها مِنْ غَيرِ تعَدٍّ فيها لَم يَصحَّ ضَمانُها، وإنْ ضمِنها مع تعَدٍّ فيها صحَّ ضَمانُها، وهو قَولُ المالِكيَّةِ (١) والشافِعيَّةِ (٢)، والمَذهبُ عندَ الحَنابِلةِ (٣) وقوَلٌ لِلحَنفيَّةِ (٤). واستَدلُّوا على ذلك بأنَّه إنْ ضمِنها مِنْ غَيرِ تعَدٍّ فيها لَم يَصحَّ ضَمانُها؛ لِأنَّها غَيرُ مَضمونةٍ على مَنْ هي في يَدِه، فكذلك على ضامِنِه، والدَّليلُ على أنَّه إنْ ضمِنها مع تعدٍّ فيها صحَّ ضَمانُها،


(١) «حاشية الدسوقي» (٣/ ٥١٤).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٤٨٨).
(٣) «المغني» (٦/ ٣١٨)، و «الإنصاف» (٥/ ٢٠٠)، و «الروض المربع» (٦/ ٤٣٨)، و «الكافي» (٥/ ٢٠٠)، و «كشاف القناع» (٣/ ٣٧٠).
(٤) جاء في «مجمع الضمانات» (٥٨٨) ما نصُّه: رجلٌ قال للمُودعِ: «إن أتلَف المُودعُ وديعَتكَ أو جحَد فأنا ضامنٌ لك» صحَّ، وقال في (٦٠٤)، وكذا في كلِّ أمانةٍ.
فهذا يدلُّ على أنَّهم يقولونَ بصحِّةِ ضمانِها إن تعُد فيها، والله أعلمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>