للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدُّ القُربِ والبُعدِ مِنْ العامرِ:

حدُّ البُعدِ مِنْ العامرِ عندَ أَبي يُوسفَ أنْ يَكونَ في مَكانٍ بحيثُ لو وقَفَ إِنسانٌ جَهْوريُّ الصوتِ في أقصَى العامرِ فصاحَ بأَعلى صَوتِه لم يُسمَعْ منه فإنَّه مَواتٌ، وإنْ كانَ يُسمَعُ فليسَ بمَواتٍ؛ لأنَّه فِناءُ العامرِ فيَنتفِعونَ به؛ لأنَّهم يَحتاجونَ إليه لرَعيِ مَواشيهم وطَرحِ حَصائدِهم، فلَم يَكنْ انتِفاعُهم مُنقطِعًا عنه ظاهرًا فلا يَكونُ مَواتًا.

وعندُ مُحمدٍ: يُعتبَرُ حَقيقةُ الانتِفاعِ، حتى لا يَجوزَ إِحياءُ ما يَنتفِعُ به أهلُ القريةِ وإنْ كانَ بعيدًا، ويَجوزُ إِحياءُ ما لا يَنتفِعونَ به وإنْ كانَ قَريبًا مِنْ العامرِ.

فأَبو يُوسفَ اشتَرطَ البعدَ؛ لأنَّ الظاهرَ أنَّ ما يَكونُ قَريبًا مِنْ القريةِ لا يَنقطعُ ارتِفاقُ أهلِها عنه.

ومُحمدٌ اعتبَرَ انقِطاعَ ارتِفاقِ أهلِ القَريةِ عنها حَقيقةً (١).

وأما المالِكيةُ فقالَ الحَطابُ : والقَريبُ هو حَريمُ العِمارةِ مما يَلحقونَه غَدوًّا ورَواحًا قالَه في «التوضيح»، وقالَه في «الجواهر» ونصُّه: وأما البَعيدُ فلا يَفتقرُ إلى إذنِ الإمامِ فيه وهو ما كانَ خارجًا عما يَحتاجُه أهلُ العُمرانِ مِنْ مُحتطَبٍ ومرعًى، ممَّا العادةُ أنَّ الرِّعاءُ يَصلونَ إليه ثُم يَعودونَ إلى مَنازلِهم فيَبيتونَ بها، ويَحتطبُ المُحتطِبُ ثُم يَعودُ إلى مَنزلِه انتهى.


(١) «الهداية» (٤/ ٩٨، ٩٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٢٢١)، و «تبيين الحقائق» (٦/ ٣٥)، و «العناية» (١٤/ ٣٠٦، ٣٠٧)، و «البحر الرائق» (٨/ ٢٣٩)، و «اللباب» (١/ ٦٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>