للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنَّ الشَّرطَ هو مُطلَقُ ذكرِ اللهِ تَعالى، ومُطلَقُ ذكرِ اللهِ تَعالى ممَّا يَنطَلقُ عليه اسمُ الخُطبةِ لُغةً، وإن كانَ لا يَنطَلقُ عليه عُرفًا.

وتَبيَّنَ بهذا أنَّ الواجِبَ هو الذكرُ لُغةً وعُرفًا، وقد وُجدَ أو ذُكرَ، فهو خُطبَةٌ لُغةً، وَإِنْ لم يُسمَّ خُطبَةً في العُرفِ، وقد أَتى به؛ وهذا لأنَّ العُرفَ إنَّما يُعتبَرُ في مُعامَلاتِ النَّاسِ، فيَكونُ دِلالةً على غَرضِهم، وأمَّا في أمرٍ بينَ العبدِ وبينَ ربِّه فيُعتبَرُ فيه حَقيقةُ اللَّفظِ لُغةً وقد وُجدَ، على أنَّ هذا القَدرَ مِنْ الكَلامِ يُسمَّى خُطبةً في المُتعارَفِ.

ألَا تَرى إلى ما رُويَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ للَّذي قالَ: مَنْ يُطعِ اللهَ ورَسولَه فقد رشَدَ، ومَن عَصاهُما فقَد غَوى: «بِئسَ الخَطِيبُ أنتَ» (١). سمَّاه خَطيبًا بهذا القَدرِ مِنْ الكَلامِ (٢).

الثَّاني: الجَماعةُ:

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : أَجمعَ العُلماءُ على أنَّ الجمُعةَ لا تَصحُّ من مُنفرِدٍ، وأنَّ الجَماعةَ شَرطٌ لصحَّتِها (٣).

وقالَ الكاسانِيُّ : والدَّليلُ على أنَّها شَرطٌ أنَّ هذه الصَّلاةَ تُسمَّى جمُعةً؛ فلا بدَّ مِنْ لُزومِ مَعنى الجمُعةِ فيه، اعتبارًا لِلمعنَى الذي أُخذَ اللَّفظُ منه مِنْ حيثُ اللُّغةُ، كما في الصَّرفِ والسَّلمِ والرَّهنِ، ونحوِ ذلك؛ ولأنَّ تَركَ


(١) رواه مسلم (٨٧٠).
(٢) «معاني الآثار» (٢/ ١٩٩، ٢٠٠).
(٣) «المجموع» (٥/ ٦٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>