للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المالِكيةُ: لا تَبطلُ وَصيةُ من أَوصَى لشَخصٍ بدارٍ أو بثَوبٍ أو سَويقٍ ثم إنَّ المُوصيَ جصَّصَ الدارَ بالجِيرِ ونَحوِه أو صبَغَ ذلك الثَّوبَ أو لَتَّ ذلك السَّويقِ بالسَّمنِ، ويأخُذُ المُوصَى له ما ذُكرَ بزيادتِه، أي: مع ما زادَ من جَصٍّ أو صَبغٍ أو سَمنٍ، ولا مُشاركةَ للوارِثِ فيه بقيمةِ ما زادَه؛ لأنَّ ما أَوصَى به يُطلقُ على ما حصَلَ فيه الزِّيادةُ، فلم يَتغيَّرْ الاسمُ كما إذا أَوصَى بعَرضٍ بلَفظِ ثَوبٍ وفصَّلَه، ولا يُعدُّ ذلك رُجوعًا عن الوَصيةِ.

وقيلَ: الوَرثةُ شُركاءُ بقيمةِ تلك الصَّنعةِ؛ إذِ الأصلُ بَقاءُ تلك الزِّيادةِ على مِلكِ المُوصي، فلا تَخرجُ عنه إلا بدَليلٍ (١).

٨ - هَدمُ الدارِ المُوصَى بها:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ هَدمِ الدارِ المُوصَى بها هل يُعتبَرُ ذلك رُجوعًا عن الوَصيةِ أو لا؟

ذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في المُعتمَدِ عندَهم والحَنابِلةُ في وَجهٍ إلى أنَّ هَدمَ الدارِ المُوصَى بها لا يُعتبَرُ رُجوعًا عن الوَصيةِ؛ لأنَّ الدارَ لم يَزُلْ عنها اسمُها بالكُليةِ؛ لأنَّه يُقالُ: دارٌ خَربةٌ أو مَهدومةٌ؛ لأنَّ الدارَ اسمٌ للبِناءِ والعَرصةِ (٢)، فإذا أزالَ البِناءَ وأبقَى العَرصةَ لم يَزُلْ عنها اسمُها بالكُليةِ.


(١) «تحبير المختصر» (٥/ ٥٤١)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٧٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٤٩٧)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (١١/ ١٣).
(٢) العَرصةُ: البُقعةُ الواسِعةُ التي لا بِناءَ فيها: وتُطلَقُ على ما كانَ بينَ الدُّورِ، وما كانَ ساحةً لدارٍ. يُنظَر: «المصابح المنير» (عرصة)، و «مختار الصحاح» (ع. ر. ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>