فيها، هل هي نَقضٌ لِلبَيعِ الأوَّلِ أو ابتِداءُ بَيعٍ جَديدٍ؟ ثالِثُها أنَّها ابتِداءُ بَيعٍ إلَّا في ثَلاثِ مَسائِلَ، فنَقضٌ لِلبَيعِ، وذلك في الطَّعامِ قبلَ قَبضِه، ولو كانَتْ بَيعًا لامتَنَعتْ لِامتِناعِ بَيعِ الطَّعامِ قبلَ قَبضِه، وفي الشُّفعةِ، وفي المُرابَحةِ، كمَن باعَ ثَوبًا بعَشَرةٍ، ثم تَقايَلَ مع مُشتَريه، فلا يَجوزُ بَيعُه مُرابَحةً على أنَّ رَأسَ مالِه فيه عَشَرةٌ، إلَّا إذا بيَّن؛ لأنَّ ذلك ممَّا تَكرَهُه النُّفوسُ، ولو جُعِلتِ الإقالةُ هُنا ابتِداءَ بَيعٍ لَجازَ (١).
لو حدَث بالمَبيعِ عَيبٌ أو أرادَ أنْ يَرُدَّ بَعضَه هل يَمنَعُ صِحَّةَ الإقالةِ أو لا؟
إذا هلَك المَبيع بالكُلِّيَّةِ لا تَصحُّ الإقالةُ عندَ الحَنفيَّةِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ، خِلافًا لِلحَنابِلةِ في وَجهٍ، وهو ما يُفهَمُ مِنْ كلامِ المالِكيَّةِ؛ لِتعذُّرِ الرَّدِّ فيه؛ لأنَّ الفَسخَ يَقتَضي قيامَ المَبيعِ، وهو ببَقاءِ المَبيعِ.
وقال المالِكيَّةُ: وكُلُّ ما ابتَعتَه ممَّا يُكالُ أو يُوزَنُ مِنْ طَعامٍ أو عَرضٍ فقَبَضتَه فأتلَفتَه فجائِزٌ أنْ تُقيلَ منه وتَرُدَّ مثلَه بعدَ عِلمِ البائِعِ بهَلاكِه، وبعدَ أنْ يَكونَ المِثلُ حاضِرًا عندَكَ وتَدفَعَه إليه بمَوضِعٍ قَبضَتَه فيه، وإنْ حالَتِ الأسواقُ.
(١) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٩٩)، و «اللباب» (١/ ٣٩٠)، و «خلاصة الدلائل» (٢/ ٧٠)، و «شرح ميارة» (٢/ ١١٨، ١٢٠)، و «البهجة في شرح التحفة» (٢/ ٢٤٢)، و «حاشية الدسوقي» (٤/ ٢٥١)، و «روضة الطالبين» (٣/ ١٤٣)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٩١)، و «مطالب أولى النهى» (٣/ ١٥٦).