لِيَحفَظَه لِصاحِبِه، وله بَيعُه لِمَصلَحةٍ، ولا يَملِكُه مُلتَقِطُه بالتَّعريفِ، كَضَوالِّ الإبِلِ، وإنْ باعَه ففاسِدٌ.
وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: ومَن رَدَّ لُقَطَةً أو ضالَّةً أو عمِل لِغيرِه عَملًا غيرَ رَدِّ الآبِقِ بغيرِ جُعلٍ، لَم يَستحقَّ عِوَضًا، لا نَعلَمُ في هذا خِلافًا؛ لأنَّه عَمَلٌ يَستحقُّ به العِوَضَ مَع المُعاوَضةِ، فلا يَستحقُّ مَع عَدمِها، كالعَملِ في الإجارةِ، فإنِ اختَلَفا في الجُعْلِ فقالَ: جَعَلتَ لي في رَدِّ لُقَطَتِكَ كذا، فأنكَرَه المالِكُ، فالقَولُ قَولُه مَع يَمينِه؛ لأنَّ الأصْلَ مَعهُ (١).
المَسألةُ الثَّالثةُ: مَنْ عمِل قبلَ أنْ يَبلُغَه الجُعْلُ، هَلْ يَستحقُّ شَيئًا أو لا؟
اختَلفَ الفُقهاءُ القائِلونَ بجَوازِ الجُعْلِ فيما إذا جعَل رَبُّ الضَّالَّةِ جُعلًا على مَنْ رَدَّها عليه، فعمِل إنسانٌ قبلَ أنْ يَبلُغَه الجُعْلُ، هَلْ يَستحقُّ الجُعْلَ أو لا؟
فَذهَب الشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ وابنُ القاسِمِ مِنْ المالِكيَّةِ -على تَفصيلٍ عنه سَيَأْتي- إلى أنَّ مَنْ قالَ: مَنْ رَدَّ ضالَّتِي فله كذا، فرَدَّها إنسانٌ لَم يَبلُغْه نِداؤُه، ولا علِم بالجُعلِ، لا يَستحقُّ شَيئًا.
قالَ الشَّافِعيَّةُ: لو قالَ: مَنْ رَدَّ آبِقِي فله كذا، فرَدَّه مَنْ لَم يَبلُغْه نِداؤُه، لَم
(١) «المغني» (٦/ ٢٢)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٢٢٠)، و «الإنصاف» (٦/ ٣٩٠، ٣٩٣)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٥٠)، و «الروض المربع» (٢/ ١٥٣، ١٥٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٢٨٤، ٢٨٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute