للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - سَخاؤُه وجُودُه :

عن الحُميديِّ قالَ: قدِمَ الشافِعيُّ من صَنعاءَ إلى مَكةَ، بعَشرةِ آلافِ دِينارٍ في مِنديلٍ، فضرَبَ خِباءَه في مَوضعٍ خارِجًا من مَكةَ، فكانَ الناسُ يَأتوه، فما برَحَ حتى ذهبَتْ كلُّها (١).

وعن الرَّبيعِ بنِ سُليمانَ قالَ: كانَ الشافِعيُّ راكِبًا حِمارًا، فمرَّ على سُوقِ الحَذائينَ، فسقَطَ سَوطُه من يدِه، فوثَبَ غُلامٌ من الحَذائينَ، فأخَذَ السَّوطُ، ومسَحَه بكُمِّه، وناوَلَه إِياه، فقالَ الشافِعيُّ لغُلامِه: ادفَعْ تلك الدَّنانيرَ التي معَك إلى هذا الفَتى، قالَ الرَّبيعُ: فلَستُ أَدرِي، كانَت تِسعةَ دَنانيرَ أو سِتةً (٢).

وعن الرَّبيعِ بنِ سَلمانَ قالَ: تَزوجْتُ، فسأَلنِي الشافِعيُّ: كم أصدَقْتَها؟ فقلتُ: ثَلاثينَ دِينارًا، قالَ: كم أَعطيتَها؟ فقلتُ: سِتةَ دَنانيرَ، فصعِدَ دارَه وأرسَلَ إليَّ بصُرَّة، فيها أربَعةٌ وعِشرونَ دِينارًا (٣).

قالَ ابنُ عبدِ الحَكمِ: كانَ الشافِعيُّ أَسخَى الناسِ بما يَجدُ، وكانَ يَمرُّ بِنا، فإنْ وجدَنِي وإلا قالَ: قُولوا لمُحمدٍ إذا جاءَ، يَأتي المَنزلَ، فإنِّي لا أَتغذَّى حتى يَجيءَ، فربَّما جئتُه، فإذا قعَدتُ معَه على الغِذاءِ قالَ: يا جارِيةُ، أَنضِجي لنا فالُوذجَ، فلا تَزالُ المائِدةُ بينَ يدَيه، حتى تَفرغَ منه ويَتغذَّى (٤).


(١) «حلية الأولياء» (٩/ ١٣٠)، و «المناقب» للبيهقي (٢/ ٢٢٠)، و «المناقب» للرازي (١٢٨)
(٢) «المناقب» للبيهقي (٢/ ٢٢١)، و «المناقب» للرازي (١٢٨)
(٣) «حلية الأولياء» (٩/ ١٣٢)، و «المناقب» للبيهقي (٢/ ٢٢٣).
(٤) «المناقب» للبيهقي (٢/ ٢٢٢)، وفي «السير» مُختصرًا (١٠/ ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>