للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما تَتحقَّقُ من وقتِ بُلوغِكَ أنَّك قد فَعلتَه فذاك، وما شكَكْت فيه وجَبَ عليك قَضاؤُه.

وهو ظاهِرٌ، وأمَّا قَولُ القفَّالِ: يَلزمُه ما تَيقَّنَ أنَّه ترَكَه وما شَكَّ فيه لا يَلزمُه، ففيه نَظرٌ؛ لأنَّ الأصلَ بعدَ تيقُّنِ التَّركِ أنَّه مُخاطَبٌ بالجَميعِ، والأصلُ عَدمُ أدائِه له، فلزِمَه قَضاءُ ما شَكَّ في أدائِه.

ثم قالَ: وكذا يُقالُ في الصَّومِ والزَّكاةِ، فلو كانَ له إبلٌ وبَقرٌ وغَنمٌ ونَقدٌ فشَكَّ هل عليه زَكاةُ الإبلِ والبَقرِ أو الكُلِّ لزِمَه الكلُّ (١).

إِسقاطُ المُزكِّي دَينَه عن مُستحِقِّ الزَّكاةِ هل يُجزِئُ عنه أو لا؟

لا يَجوزُ للدَّائنِ أنْ يُسقِطَ دَينَه عن مَدينِه الفَقيرِ المُعسِرِ الذي ليسَ عندَه ما يَسُدُّ به دَينَه ويَحسُبَه من زَكاةِ مالِه.

فإنْ فعَلَ ذلك لم يُجزِئْه عن الزَّكاةِ عندَ كُلٍّ من الحَنفيةِ والحَنابِلةِ والمالِكيةِ ما عدا أشهَبَ وهو الأصَحُّ عندَ الشافِعيةِ، وهو قَولُ أبي عُبيدٍ.

ووَجهُ المَنعِ أنَّ الزَّكاةَ حَقُّ اللهِ تعالَى فلا يَجوزُ للإِنسانِ أنْ يَصرفَها إلى نَفعِ نَفسِه أو إِحياءِ مالِه، واستِيفاءِ دَينِه.

قالَ ابنُ قُدامةَ : فَصلٌ: قال مُهنَّا: سأَلتُ أبا عبدِ اللهِ عن رَجلٍ له على رُجلٍ دَينٌ برَهنٍ وليسَ عندَه قَضاؤُه ولِهذا الرَّجلِ زَكاةُ مالٍ يُريدُ أنْ يُفرِّقَها على المَساكينِ فيَدفعَ إليه رَهنَه ويَقولَ له: الدَّينُ الذي لي عليكَ هو


(١) «الفتاوى الفقهية الكبرى» (١/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>