للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرُهم على تحريمِهِ، وإنْ كانَ طائفةٌ يُرخِّصونَ فيهِ إمَّا مُطلَقًا وإمِّا للمُضطرِّ كما قد كانَ ذلكَ في صَدرِ الإسلامِ، فالصَّوابُ: إنَّ ذلكَ مَنسوخٌ كما ثبَتَ في الصحيحِ أنَّ النبيَّ بعدَ أنْ رَخَّصَ لهم في المُتعةِ عامَ الفَتحِ قالَ: «إنَّ اللهَ قدْ حرَّمَ المُتعةَ إلى يَومِ القِيامةِ»، والقُرآنُ قد حرَّمَ أنْ يَطأَ الرجلُ إلَّا زَوجةً أو مَملوكةً بقَولِه: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٢٩) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٣٠) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٣١)[المعارج: ٢٩ - ٣١]، وهذهِ المُستَمتَعُ بها ليسَتْ مِنَ الأزواجِ ولا ما ملَكَتِ اليَمينُ، فإنَّ اللهَ قد جعَلَ للأزواجِ أحكامًا مِنْ المِيراثِ والاعتِدادِ بعدَ الوفاةِ بأربعةِ أشهُرٍ وعَشرٍ وعدَّةِ الطَّلاقِ ثَلاثةَ قُروءٍ ونحوِ ذلكَ مِنَ الأحكامِ التي لا تَثبتُ في حقِّ المُستَمتَعِ بها، فلو كانَتْ زَوجةً لَثبَتَ في حقِّها هذهِ الأحكامُ، ولهذا قالَ مَنْ قالَ مِنَ السلَفِ: إنَّ هذهِ الأحكامَ نسَخَتِ المُتعةَ (١).

هل يُحَدُّ مَنْ نكَحَ نِكاحَ المُتعةِ؟

نَصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ (٢) والمالِكيةُ في المَذهبِ (٣) والشافِعيةُ (٤) والحَنابلةُ على أنَّ مَنْ نكَحَ نكاحَ مُتعةٍ فلا حَدَّ عليهِ، لكنْ يُعزَّرُ ويُعاقَبُ.


(١) «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ١٠٧، ١٠٨).
(٢) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٦)، و «النتف في الفتاوى» (١/ ٢٦٧).
(٣) «تفسير القرطبي» (١٢/ ١٠٦)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٨٤)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٩٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٤٢)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٥٨٢)، و «حاشية الصاوي» (٤/ ٤٩٧).
(٤) «شرح صحيح مسلم» (٩/ ١٨١، ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>