للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكنُ الثالثُ: المَقضيُّ له:

الأَصلُ أنَّ القاضِي يَقضي لكلِّ مَنْ تَجوزُ شَهادتُه عليه، ولا يَجوزُ قَضاءُ القاضِي لنَفسِه عندَ الحَنفيةِ والمالِكيةِ والشافِعيةِ في قَولٍ ولو رضِيَ خَصمُه بذلك، إلا أنَّه إذا حكَمَ على نَفسِه يَكونُ كالإِقرارِ منه بما ادَّعى خَصمُه عليه، وفي قَولٍ للشافِعيةٍ وأَصبغَ مِنْ المالِكيةِ يَصحُّ حُكمُه.

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختلَفُوا هل يَجوزُ للقاضِي أنْ يَقضيَ لمَن لا تَجوزُ شَهادتُه له كأَبويه وأَبنائِه أو شُركائِه أم لا يَجوزُ؟ للعُلماءِ تَفصيلٌ في هذا.

أولًا: نصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ على أنَّه لا يَجوزُ قَضاؤُه لنَفسِه ولا لمَن لا تُقبلُ شَهادتُه له كأُصولِه وفُروعِه؛ لأنَّ مَبنى القَضاءِ على الشَّهادةِ، ولا يَصحُّ شاهدًا لهؤلاء فلا يَصحُّ قاضيًا لهم لمَكانِ التُّهمةِ، ويَجوزُ أنْ يَقضيَ عليهم؛ لأنَّه لو شهِدَ عليهم جازَ فكذا القَضاءُ.

قالَ الحَنفيةُ: ولا يَجوزُ قَضاؤُه لنَفسِه ولا لمَن لا تُقبلُ شَهادتُه له؛ لأنَّ مَبنى القَضاءِ على الشَّهادةِ، ولا يَصحُّ شاهدًا لهؤلاء فلا يَصحُّ قاضيًا لهم لمَكانِ التُّهمةِ، ويَجوزُ أنْ يَقضيَ عليهم؛ لأنَّه لو شهِدَ عليهم جازَ فكذا القَضاءُ.

ويَجوزُ أنْ يَقضيَ لمَن تُقبلُ شَهادتُه له كالأخِ والعمِّ وأَولادِهما، وكذا لو قَضى لامرَأتِه وأمِّها، وإنْ كانَتا قد ماتَتا لمْ يَجزْ قَضاؤُه لهما إذا كانَتِ امرأتُه تَرثُ مِنْ ذلك شَيئًا؛ لأنَّه لو شهِدَ لهما في هذه الصُّورةِ لمْ يَجزْ، فكذا إذا قَضى لهما، وإنْ قَضى لامرأةِ ابنِه أو لزَوجِ ابنتِه والمَقضيُّ له حيٌّ جازَ

<<  <  ج: ص:  >  >>