فمِن هُنا نَرَى أنَّ جُمهورَ الفُقهاءِ الحَنفيَّةَ والشافِعيَّةَ والحَنابِلةَ لَم يَقولوا بالوَعدِ المُلزِمِ في المُرابَحةِ الآمِرةِ بالشِّراءِ، ولا في غيرِها؛ لأنَّها سَتَكونُ كما قالَ الإمامُ الشافِعيُّ بَيعَ ما لَم يَملِكْه بَعدُ.
وعلى قَولِ المالِكيَّةِ لا يُمكِنُ أنْ نَستدِلَّ بقَولِهم على أنَّ الوَعدَ مُلزِمٌ إذا دخَل بسَبَبِه في إلزامٍ؛ وذلك لأنَّهم يَمنَعونَ صورةَ المُرابَحةِ الآمِرةِ بالشِّراءِ بصورَتِها المَوجودةِ حاليًّا في المَصارِفِ الإسلاميَّةِ، والدَّليلُ عليه أنَّهم جَعَلوها في صُوَرِ بَيعِ العِينةِ المُحرَّمةِ شَرعًا، فلا يُمكِنُ أنْ نَأخُذَ بقَولِهم: إنَّ الوَعدَ مُلزِمٌ إذا دخَل المَوعودُ بسَبَبِ وَعدِه في إلزامٍ، ونَترُكَ قَولَهم الذي يَمنَعُ هذه الصُّورةَ المَوجودةَ حاليًّا.
ثانيًا: التَّوليةُ:
التَّوليةُ: هي بَيعُ ما اشتَراه وقبَضه بالعَقدِ الأوَّلِ بالثَّمنِ الأوَّلِ مِنْ غيرِ زيادةِ رِبحٍ، فيَقولُ البائِعُ: وَلَّيتُكَه، أو بِعتُكَه برَأْسِ مالِه، أو بما اشتَرَيتَ به أو برَقمِه المَعلومِ عندَهما، وهو الثَّمنُ المَكتوبُ عليه، فإنْ جَهِلَا أو جَهلَ أحَدُهما الثَّمنَ لَم يَصحَّ؛ لِمَا سَيَأتي، والدَّليلُ على التَّوليةِ ما رُويَ أنَّ أبا بَكرٍ ﵁ اشتَرَى بَعيرَيْنِ، فقالَ له النَّبيُّ ﷺ:«وَلِّني أحَدَهما»، فقالَ ﵁: هو لَكَ بغيرِ ثَمَنٍ، فقالَ ﷺ:«أمَّا بغيرِ ثَمَنٍ فلا».
ثالِثًا: الإشراكُ:
الإشراكُ كالتَّوليةِ، ولكنَّه على جُزءٍ مِنْ المَبيعِ لا على جَميعِه، كأنْ يَقولَ له: أشرَكتُكَ في هذا العَقدِ نِصفَه، بنِصفِ الثَّمنِ، ونَحوَ ذلك، ويُشترَطُ أنْ يُبيِّنَ هذا الجُزءَ الذي يُشرِكُه فيه؛ فإنْ ذكَر جُزءًا ولَم يُبيِّنْه، كأنْ قالَ: أشرَكتُكَ في