للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الشافِعيةُ في مُقابلِ الأَصحِّ إلى أنَّه إنْ قصَدَ الخِيانةَ في اللُّقطةِ ولَم يَخنْ ضمَنَ.

ومتى صارَ المُلتقِطُ ضامِنًا في الدَّوامِ بحَقيقةِ الخِيانةِ أو بقَصدِها ثُم أقلَعَ وأرادَ أنْ يُعرِّفَها ويَمتلكَ كانَ له ذلك على الأَصحِّ عن الشافِعيةِ (١).

وأمَّا الحَنفيةُ والمالِكيةُ فلهم تَفصيلٌ تَقدَّمَ في حُكمِ الالتِقاطِ.

أَخذُ الجُعلِ على اللُّقطةِ:

أَخذُ الجُعلِ على اللُّقطةِ لا يَخلو مِنْ حالاتٍ سبَقَ أَكثرُها في كِتابِ الجَعالَةِ من كِتابِنا هذا لمَن أرادَ الرُّجوعَ إليها:

الحالَةُ الأولَى: أنْ يَجعلَ صاحِبَها لمَن وجَدَها شيئًا مَعلومًا، وهذه الحالَةُ لا تَخلو مِنْ إِحدى صورَتينِ:

الصُّورةُ الأولَى: أنْ يَلتقطَها بعدَما بلَغَه الجُعلُ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأَربعةِ على أنَّ رَبَّ اللُّقطةِ إذا جعَلَ لمَن وجَدَها شيئًا مَعلومًا فله أَخذُه إنْ كانَ التَقطَها بعدَ أنْ بلَغَه الجُعلُ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : الجَعالَةُ في ردِّ الضالَّةِ والآبقِ وغيرِهما جائِزةٌ، وهذا قَولُ أَبي حَنيفةَ ومَالكٍ والشافعِيِّ، ولا نَعلمُ فيه مُخالِفًا، والأَصلُ في ذلك قَولُ اللهِ ﷿: ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ﴾ [يوسف: ٧٢]، وكانَ حملُ البَعيرِ مَعلومًا عندَهم كالوَسقِ، وشَرعُ مَنْ قبلَنا شَرعٌ لنا ما لَم يَردْ في شَرعِنا ما يُخالفُه.


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٢١٥)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥١٣)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٦٢٧)، و «الديباج» (٢/ ٥٥٩)، و «المغني» (٦/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>