للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنواعُ الفِسقِ:

الفِسقُ نَوعانِ: فِسقٌ من جِهةِ الأَفعالِ وفِسقٌ من جِهةِ الاعتِقادِ.

النَّوعُ الأوَّلُ: فِسقٌ من جِهةِ الأَفعالِ:

اتَّفَق أهلُ العِلمِ كما تقدَّمَ على أنَّه يُشتَرطُ في الشاهدِ أنْ يَكونَ عَدلًا؛ فإنْ كانَ فاسِقًا بارتِكابِه كَبيرةً أو إِصرارِه على صَغيرةٍ أو كانَ يَلعَبُ بالنَّردِ أو الشِّطْرَنجِ على مالٍ أو يَفعَلُ غيرَ ذلك مِنْ كلِّ ما هو مُحرَّمٌ؛ فإنَّه لا تُقبلُ شَهادَتُه، قالَ ابنُ قُدامةَ: الفُسوقُ نَوعانِ: أَحدُهما من حيثُ الأَفعالُ، فلا نَعلمُ خِلافًا في رَدِّ شَهادتِه (١).

وللفُقهاءِ كَلامٌ كَثيرٌ في كلِّ مَذهبٍ فيما يُعدُّ من الأَشياءِ حَرامًا، والضابِطُ في هذا أنَّ كلَّ مَنْ ارتكَبَ كَبيرةً ولم يَتبْ منها أو أصَرَّ على صَغيرةٍ من قَولٍ أو فِعلٍ فهو مَردودُ الشَّهادةِ.

النَّوعُ الثانِي: الفِسقُ من جِهةِ الاعتِقادِ (قَبولُ شَهادةِ أهلِ البِدعِ):

اختَلفَ الفُقهاءُ في الفِسقِ من جِهةِ الاعتِقادِ، وهُم أهلُ الأَهواءِ مِنْ المُبتدِعةِ هل تُقبلُ شَهادتُهم أو لا؟

فذهَبَ المالِكيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا تُقبلُ شَهادةُ أهلِ الأَهواءِ مُطلقًا.

قالَ المالِكيةُ: لا تُقبلُ شَهادةُ مُبتدعٍ كالخارِجيِّ والقَدَريِّ ولو كانَ عن تَأويلٍ غلِطَ فيه فلا فَرقَ بينَ المُتأوِّلِ والجاهِلِ الذي يُقلِّدُ غيرَه في ذلك، ولا يُعذَرُ بجَهلٍ (٢).


(١) «المغني» (١٠/ ١٦٨)، وينظر: المصادر السابقة.
(٢) «شرح صحيح البخاري» (٨/ ٥٨٨، ٥٨٩)، و «التاج والإكليل» (٥/ ١٠٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٦١٤)، و «تحبير المختصر» (٥/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>