للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [النساء: ٥]، فنَهَى اللهُ في الآيةِ عن إعطاءِ السُّفهاءِ أموالَهم؛ لأنَّ في إعطائِهم إيَّاها تَعريضًا لِضَياعِها، فدَلَّتِ الآيةُ على مَنعِهم مِنَ التَّصرُّفِ في أموالِهم، وهو مَعنى الحَجْرِ عليهم، وأُضيفتِ الأموالُ إلى الأولياءِ لأنَّهم القائِمونُ عليها، المُدبِّرونَ لها، وقالَ : ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٦٥]، فأمَرَ اللهُ باختبارِ اليَتامى في حِفظِ أموالِهم بأنْ يُدفَعَ لهم شَيءٌ مِنْ أموالِهم لِمَعرِفةِ خِبرَتِهم في التَّصرُّفاتِ، فإنْ آنسنا منهم الرُّشدَ قبلَ البُلوغِ سُلِّموا أموالَهم، فدَلَّ النَّصُّ على مَنعِ دَفعِ أموالِهم إليهم قبلَ الرُّشدِ، وحَجرِهم عنها حتى لا يَتصَرَّفوا فيها.

وإذا ثَبَت الحَجْرُ على هذَيْنِ ثَبَت على المَجنونِ بطَريقِ التَّنبيهِ.

وأمَّا السُّنَّةُ: فعَن كَعبِ بنِ مالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ حَجَرَ عَلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مَالَهُ وَبَاعَهُ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ (١).

وقد أجمَعَ العُلماءُ على جَوازِ الحَجْرِ على الصَّغيرِ والمَجنونِ.

مَحاسِنُ الحَجرِ:

ومِن مَحاسِنِ الحَجْرِ أنَّ فيه شَفَقةً على خَلقِ اللهِ ، وهي أحَدُ طَرَفيِ الدِّيانةِ، والآخَرُ التَّعظيمُ لِأمْرِ اللهِ ، وتَحقيقُ ذلك أنَّ اللهَ خَلَق الوَرى وفَرَّقَ بَينَهم في النُّهَى (العُقولِ)، فجعَل


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الطبراني في «الأوسط» (١/ ١٤٦)، والبيهقي في «الكبرى» (١١٠٤١)، والدارقطني (٥٢٣)، والحاكم في «المستدرك» (٢/ ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>