للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونَصُّوا على أنه إذا أتَى بالثَّمرِ الجَرِينَ أو البَيتَ فسرَقَه إنسانٌ وبلَغَ ما سرَقَه نِصابَ السَّرقةِ وجَبَ فيه القَطعُ (١).

حُكمُ مِنْ سرَقَ طَيرًا أو صَيدًا:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ مَنْ سَرقَ طَيرًا أو صَيدًا، هل يُقامُ عليهِ الحَدُّ أم لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ في المَذهبِ خِلافًا لأبي يُوسفَ إلى أنه لا قطْعَ في سَرقةِ الطَّيرِ كالبازي والصَّقرِ وسائرِ الطُّيورِ كالبَطِّ والدَّجاجِ والحَمَامِ، ولا في الوُحوشِ مِنْ الصُّيودِ؛ لأنَّ الطَّيرَ لا يَتمولُ عادةً، وقد رُويَ عن سيِّدِنا عُثمانَ وسَيدِنا عليٍّ أنهُما قالَا: «لا قطْعَ في الطَّيرِ»، ولم يُنقلْ عن غيرِهما خِلافُ ذلكَ، فيَكونُ إجماعًا.

وعن يَزيدَ بنِ خُصيفةَ قالَ: أُتِيَ عُمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ برَجلٍ سرَقَ طيرًا فاستَفتَى في ذلكَ السائِبَ بن يَزيدَ فقالَ: «ما رَأيتُ أحدًا قطَعَ في الطيرِ، وما عَليهِ في ذلكَ قَطعٌ، فتَركَه عُمرُ بنُ عبدِ العزيزِ ولم يَقطعْه» (٢).

ولأنَّ هذا يُوجَدُ مُباحَ الأصلِ بصُورتِه غيرَ مَرغوبٍ فيهِ ولا يَتمُّ إحرازُه في الناسِ عادةً، ولأنَّ فِعلَه اصطيادٌ مِنْ وَجهٍ، والاصطِيادُ مُباحٌ، وظاهِرُ قولِه : «الصَّيدُ لمَن أخَذَه» يُورثُ شُبهةً، والقَطعُ يَندرئُ بالشُّبهةِ،


(١) «الموطأ» برواية محمد بن الحسن (٣/ ٤١)، و «المبسوط» (٩/ ١٥٥)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ٧٣)، و «الأم» (٦/ ١٣٣)، و «شرح الزركشي» (٣/ ١٢٣).
(٢) رواه ابن ابي شيبة في «مصنفه» (٥/ ٥٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>