اختَلفَ الفُقهاءُ هل يُشترطُ أنْ يَبدأَ الزوجُ باللعانِ قبلَ الزوجةِ؟ أم يَجوزُ أنْ تَبدأَ الزوجةُ قبلَ الزوجِ؟
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ في المَشهورِ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنه يُشترطُ لصِحةِ اللعانِ أنْ يَبدأَ الزَّوجُ باللعانِ، فإذا لاعنَتِ المَرأةُ قبلَ الزوجِ لم يُعتَدَّ بذلكَ؛ لأنه أُتِيَ باللعانِ على غيرِ ما ورَدَ بهِ القُرآنُ والسُّنةُ، فلمْ يَصحَّ كما لو اقتصرَ على لَفظةٍ واحدةٍ، قالَ تعالَى: ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (٨)﴾ [النور: ٨]، وهذا يَقتضي أنْ يكونَ العَذابُ قد وجَبَ عليها بلِعانِ الزوجِ حتى تَدرَأَه باللعانِ؛ لأنَّ لِعانَ الرجلِ بيِّنتُه لإثباتِ زِناها ونَفيِ ولدِها ولعانَ المرأةِ للإنكارِ، فقُدِّمتْ بيِّنةُ الإثباتِ كتَقديمِ الشُّهودِ على الأيمانِ، ولأنَّ لِعانَ المَرأةِ لدَرءِ العَذابِ عنها، ولا يَتوجَّهُ عليها ذلكَ إلا بلِعانِ الرجلِ، فإذا قَدَّمتْ لِعانَها على لِعانِه فقدْ قَدَّمتْه على وقتِه، فلمْ يَصحَّ كما لو قَدَّمتْه على القَذفِ (١).
(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٥١٨)، رقم (١٣٤٥)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٣٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٤٠٥)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٣١٦)، و «الأم» (٥/ ٢٨٩)، و «الإشراف» (٥/ ٣٣٣)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٦٨٢)، و «النجم الوهاج» (٨/ ١٠٥)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٦٩)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ١٣٥)، و «الديباج» (٣/ ٥٣٧)، و «المغني» (٨/ ٥٧)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٤٥، ٤٥٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٥٦٤).