للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرِّوايةُ الثَّانيةُ: لا يكونُ خُلعٌ إلَّا بعِوضٍ، رَوى عنهُ مُهنَّا إذا قالَ لها: «اخلَعِي نفْسَكِ» فقالَتْ: «خلَعْتُ نفْسِي» لم يكُنْ خُلعًا إلَّا على شيءٍ، إلَّا أنْ يكونَ نَوى الطَّلاقَ فيكونُ ما نَوى، فعلى هذهِ الرِّوايةِ لا يَصحُّ الخُلعُ إلَّا بعِوضٍ، فإن تَلفَّظَ بهِ بغيرِ عوضٍ ونَوى الطَّلاقَ كانَ طلاقًا رَجعيًّا؛ لأنَّه يَصلحُ كنايةً عن الطَّلاقِ، وإنْ لم يَنوِ بهِ الطَّلاقَ لم يَكنْ شيئًا، وهذا قولُ أبي حَنيفةَ والشَّافعيِّ؛ لأنَّ الخُلعَ إنْ كانَ فسْخًا فلا يَملكُ الزَّوجُ فسْخَ النِّكاحِ إلَّا بعَيبِها، وكذلكَ لو قالَ: «فسَخْتُ النِّكاحَ» ولم يَنوِ به الطَّلاقَ لم يَقعْ شيءٌ، بخِلافِ ما إذا دخَلَه العِوضُ فإنه يَصيرُ مُعاوَضةً، فلا يَجتمعُ لهُ العِوضُ والمُعوَّضُ.

وإنْ قُلنا: «الخُلعُ طلاقٌ» فليسَ بصَريحٍ فيهِ اتِّفاقًا، وإنَّما هو كِنايةٌ، والكِنايةُ لا يقَعُ بها الطَّلاقُ إلَّا بنيَّةٍ أو بَذلٍ للعوضِ فيَقومُ مَقامَ النيَّةِ وما وُجدَ واحدٌ مِنهُما.

ثمَّ إنْ وقَعَ الطَّلاقُ؛ فإذا لم يَكنْ بعِوضٍ لم يَقتضِ البَينونةَ، إلَّا أنْ تَكمُلَ الثَّلاثُ (١).

قالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : ولو قصَدَ إلى إيقاعِ الخُلعِ على غيرِ عوضٍ كانَ عندَ مالكٍ خُلعًا وكانَ الطَّلاقُ بائِنًا.


(١) «المغني» (٧/ ٢٥٧)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>