اختَلفَ الفُقهاءُ في الصِّيغةِ هل يُشترطُ فيها التَّنجيزُ؟ أم تَصحُّ مُعلَّقةً على شَرطٍ؟ وهل هُناكَ فَرقٌ بينَ أنْ يُعلِّقَه في حالِ الحَياةِ أو يُعلِّقَه إلى ما بعد المَوتِ؟
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه يُشترطُ في الصِّيغةِ أنْ تَكونَ مُنجَّزةً، فلا يَصحُّ تَعليقُها على شَرطٍ.
قالَ الحَنفيةُ: لو قالَ: «إذا جاءَ غَدٌ، أو إذا جاءَ رَأسُ الشَّهرِ، أو قالَ: إذا كَلَّمتُ فُلانًا، أو إذا تَزوَّجتُ فُلانةَ -وما أشبَهَه- فأَرضِي هذهِ صَدقةٌ مَوقوفةٌ» يَكونُ الوَقفُ باطِلًا؛ لأنه تَعليقٌ، والوَقفُ لا يَحتملُ التَّعليقَ بالخَطرِ؛ لكونِه ممَّا لا يُحلَفُ به، فلا يَصحُّ تَعليقُه كما لا يَصحُّ تَعليقُ الهِبةِ، بخِلافِ النَّذرِ؛ لأنه يَحتملُ التَّعليقَ ويُحلَفُ به، فلو قالَ:«إنْ كَلَّمتُ فُلانًا إذا قَدِمَ، أو إنْ بَرَأتُ مِنْ مَرَضي هذا فأَرضِي هذهِ صَدقةٌ مَوقوفةٌ» يَلزمُه التَّصدقُ بعَينِها إذا وُجدَ الشَّرطُ؛ لأنَّ هذا بمَنزلةِ النَّذرِ واليَمينِ.
ولو قالَ:«أَرضِي هذه صَدقةٌ مَوقوفةٌ على أنَّ لي أصْلَها، أو على أنه لا يَزولُ مِلكِي عن أصْلِها، أو على أنْ أبِيعَ أصْلَها وأتصدَّقَ بثَمنِها» كانَ الوَقفُ باطلًا، ولو قالَ:«هي صَدقةٌ مَوقوفةٌ إنْ شِئتَ، أو إنْ أحبَبْتَ، أو هَوَيتَ» كانَ الوَقفُ باطِلًا؛ لأنَّ هذا تَعليقُ الوَقفِ بشَرطٍ، وتَعليقُه باطِلٌ في قَولِهم.