للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا إِباحتُها له فتَنبَني على باطِنِ الأمرِ؛ فإنْ علِمَ أنَّها زَوجَتُه حَلَّت له؛ لأنَّ إِنكارَه النِّكاحَ ليسَ بطَلاقٍ، ولا نَوى به الطَّلاقَ، وإنْ علِمَ أنَّها ليسَت امرَأتَه؛ إمَّا لعَدمِ العَقدِ، وإمَّا لبَينونَتِها منه، لم تَحِلَّ له.

وهل يُمكَّنُ منها في الظاهِرِ؟ يَحتمِلُ وَجهَينِ عندَ أكثَرِ الفُقهاءِ:

أحَدُهما: يُمكَّنُ منها؛ لأنَّ الحاكِمَ قد حكَمَ بالزَّوجيةِ.

والثانِي: لا يُمكَّنُ منها، لإِقرارِه على نَفسِه بتَحريمِها عليه، فيُقبَلُ قَولُه في حَقِّ نَفسِه دونَ ما عليه، كما لو تَزوَّجَ امرَأةً، ثم قالَ: «هي أُختي من الرَّضاعةِ».

وإنْ لم تَقُمِ البَيِّنةُ فالقَولُ قَولُ الزَّوجِ معَ يَمينِه عندَ الشافِعيةِ والصاحِبَينِ من الحَنفيةِ وهو احتِمالٌ للحَنابِلةِ، قالَ الشافِعيةُ: فإنْ حلَفَ لها سقَطَت دَعواها، وإنْ نَكَلت رُدَّت اليَمينُ عليها؛ فإنْ حلَفَت ألزَمَته النِّكاحَ (١).

وقالَ الإمامُ أَبو حَنيفةَ والمالِكيةُ والحَنابِلةُ: لا يَمينَ عليه (٢).

ادَّعَت نِكاحَ رَجلٍ مَيتٍ:

نَصَّ عامةُ الفُقهاءِ على أنَّ المَرأةَ إذا ادَّعَت نِكاحَ رَجلٍ مَيتٍ أو ادَّعى رَجلٌ نِكاحَ امرَأةٍ مَيتةٍ وأقامَ على ذلك بيِّنةً ثبَتَ المِيراثُ للمُدَّعي.

قالَ الحَنفيةُ: لو أنَّ رَجلًا ادَّعى على امرَأةٍ أنَّه تَزوَّجَها وأنكَرَت، ثم ماتَ الرَّجلُ فجاءَت تَدَّعي مِيراثَه، فلها المِيراثُ، وكذلك لو كانَت المَرأةُ


(١) «البيان» (١٣/ ١٥٧، ١٥٨).
(٢) المصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>