للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَقِّ، فلو لَم يَحمِلْ أبو قَتادةَ عنه البَراءةَ لَم تَظهرِ الحِكمةُ في امتِناعِه مِنَ الصَّلاةِ عليه؛ لأنَّ الحَقَّ باقٍ في ذِمَّتِه قبلَ التَّحمُّلِ … وفي الحَديثِ تَصريحٌ ببَراءةِ ذِمَّةِ الميِّتِ (١).

وقال ابنُ قُدامةَ : أمَّا الحَيُّ فلا يُبرأُ بالضَّمانِ رِوايةً واحِدةً، وأمَّا الميِّتُ ففي بَراءَتِه بمُجرَّدِ الضَّمانِ رِوايَتانِ.

إحداهما: يُبرأُ بمُجرَّدِ الضَّمانِ، نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايةِ يُوسُفَ بنِ موسى، كما ذَكرنا مِنَ الخَبرَيْن؛ ولأنَّ فائدةَ الضَّمانِ في حَقِّه تَبرئةُ ذِمَّتِه، فيَنبَغي أنْ تَحصُلَ هذه الفائِدةُ، بخِلافِ الحَيِّ؛ فإنَّ المَقصودَ في حَقِّه الاستيثاقُ بالحَقِّ، وثُبوتُه في الذِّمَّتَيْن آكَدُ في الاستيثاقِ بالحَقِّ (٢).

وقال الإمامُ الخَطَّابيُّ : فيه -أي في حَديثِ أبي قَتادةَ-: أنَّ ضَمانَ الدَّينِ عن الميِّتِ يُبرِئُه إذا كان مَعلومًا، سَواءٌ خلَّف الميِّتُ وَفاءً أو لَم يُخلِّفْ، وذلك أنَّه إنَّما امتنَع مِنَ الصَّلاةِ؛ لِارتِهانِ ذِمَّتِه بالدَّينِ، فلو لَم يُبرأْ بضَمانِ أبي قَتادةَ لَمَا صلَّى عليه، والعِلَّةُ المانِعةُ قائِمةٌ (٣).

انقِضاءُ الكَفالةِ: أو مَتى تَنقَضي الكَفالةُ؟ أو بمَ تَنقَضي الكَفالةُ؟

مِنْ خِلالِ دِراسَتِنا لِعقدِ الكَفالةِ وآثارِ العَقدِ الصَّحيحِ يَتبيَّنُ لنا أنَّ الكَفالةَ تَنقَضي بانقِضاءِ التِزامِ الأصيلِ أو الكَفيلِ، ويَنقَضي هذا الالتِزامُ بأحَدِ أُمورٍ:


(١) «نهاية المحتاج» (١٥/ ٩٦).
(٢) «المغني» (٦/ ٣٢٨).
(٣) «معالم السنن» (٣/ ٦٤)، ويُنظر: «عمدة القاري» (١٢/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>