قالَ الإِمامُ ابنُ المُنذرِ ﵀: وإنْ كانَ مَنْ أخَذَها منه قد ماتَ ردَّه على وَرثتِه.
فإنْ لمْ يَصلْ إليه ولا إلى وَرثتِه، صبَرَ حتى يَيأسَ مِنْ وُصولِه إليه، فإذا يئِسَ مِنْ ذلك تصدَّقَ بها، على ما روَيْناه عن ابنِ مَسعودٍ وابنِ عَباسٍ ومُعاويةَ بنِ أَبي سُفيانَ، وهذا مَذهبُ الحَسنِ البَصريِّ والزُّهريِّ، وبه قالَ مالِكٌ في اللُّقطةِ إذا يَئسَ مِنْ صاحِبِها.
وفي هذه المَسألةِ قَولانِ آخَرانِ:
أَحدُهما: أنْ يدفَعَ إلى بَيتِ المالِ، روَيْنا هذا القَولَ عن عَطاءٍ.
والقَولُ الثانِي: أنْ يُمسكَها أَبدًا حتى يَعلمَ: أحيٌّ هو، أم مَيتٌ.
وهذا يُشبهُ مَذهبَ الشافِعيِّ في إِيقافِ المالِ في مِثلِ هذا، حتى يَتبينَ أَمرُ صاحِبِه (١).
وقالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ ﵀: فائِدةٌ: سُئلَ الشَّيخُ عزُّ الدِّينِ عن رَجلٍ تحتَ يدِه وَديعةٌ مضَت عليها مُدةٌ طَويلةٌ ولمْ يَعرفْ صاحِبَها، وأيسَ مِنْ مَعرفتِه بعدَ البَحثِ التامِّ، فقالَ: يَصرفُها في أَهمِّ مَصالحِ المُسلِمينَ، ويُقدِّمُ أَهلَ الضَّرورةِ ومَسيسَ الحاجَةِ ولا يَبني بها مَسجدًا ولا يَصرِفُها إلا