للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّلحُ على حَدِّ القذفِ مُقابلَ المالِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حَدِّ القَذفِ، هل يَجوزُ أخذُ العِوضِ في مُقابِلِ إسقاطِه والعفوِ عنه أم لا يَجوزُ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في الصَّحيحِ عندَهم والشافِعيةُ في أصَحِّ الوجهَينِ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه لا يَجوزُ أخذُ العوضِ على إسقاطِ حَدِّ القذفِ والعفوِ عنه، ويَجبُ ردُّ المالِ الذي صالَحَ عليهِ.

وذهَبَ سَحنونٌ وأشهَبُ مِنْ المالِكيةِ والشافِعيةُ في وَجهٍ والحَنابلةُ في احتِمالٍ إلى أنه يَجوزُ الصُّلحُ في حدِّ القَذفِ على مالٍ ويَثبتُ المالُ.

وبَيانُ أقوالِ الفُقهاءِ فيما يلي:

أمَّا الحَنفيةُ فقالَ الإمامُ علاءُ الدِّينِ السَّمرقَنديُّ : لو صالَحَ القاذفُ مع المَقذوفِ بشيءٍ على أنْ يَعفوَ عنه ولا يُخاصِمَه فهو باطِلٌ.

وكذلكَ لو صالحَ الشاهِدُ بمالٍ على أنْ لا يَشهدَ عليهِ، أو أرادَ أنْ يَشهدَ على الزِّاني أو السارِقِ أو القاذفِ فصَالحُوه على مالٍ فالصُّلحُ باطلٌ، ولا تُقبَلُ شهادتُه في هذهِ الحادثةِ وفي غيرِها إلا أنْ يَتوبَ، ويُستردُّ المالُ منه في جَميعِ ذلكَ (١).

وقالَ ابنُ عابدِينَ : قالَ البيريُّ: قالَ في «الإيضاح»: وإذا ثبَتَ الحدُّ لم يَجُزِ الإسقاطُ ولا العفوُ، ولِذا إذا عفَا قبْلَ المُرافَعةِ أو أبرَأَ أو صالَحَ على مالٍ فذلكَ باطِلٌ، ويردُّ مال الصلحِ، وله أنْ يُطالبَه بالحدِّ بعدَ ذلكَ. اه


(١) «تحفة الفقهاء» (٣/ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>