للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِجارةُ المَوقوفِ ومَن لهُ حَقُّ التأجيرِ:

لا خِلافَ بينَ فُقهاءِ الإسلامِ على جَوازِ إجارةِ الوَقفِ، وعلى أنَّ مَنْ له حقُّ التَّأجيرِ هو الناظِرُ الذي شرَطَه الواقفُ إنْ كانَ شرَطَ ناظرًا مُعيَّنًا، سَواءٌ كانَ المَوقوفُ عليه مُعيَّنًا كزَيدٍ وعَمرٍو، أم غيرَ مُعيَّنٍ كالفُقراءِ والمَساكينِ، وسَواءٌ أكانَ الناظِرُ هو المَوقوفَ عليه المُعيَّنَ أم كانَ غيرَه.

وإنَّما اختَلَفوا، هل للمَوقوفِ عليهمُ الحَقُّ في التَّأجيرِ أم لا؟

قالَ الحَنفيةُ: المَوقوفُ عليهِم الغلَّةُ أو السُّكنى لا يَملكونَ حقَّ الإجارةِ، فلو أرادُوا أنْ يُؤاجِرُوا لا يَجوزُ؛ لأنه لا حقَّ لهم في الرَّقبةِ ولا مِلكَ، وإنَّما يَملكُ المَنافعَ بلا بَدلٍ، فلم يَملكْ تَمليكَها ببَدلٍ وهو الإجارةُ، وإلَّا لَملَكَ أكثَرَ ممَّا يَملكُ، بخِلافِ الإعارةِ، إلا إذا شرَطَ الواقفُ التَّوليةَ والنَّظرَ للمَوقوفِ عليهم، أو للأرشَدِ مِنهم وكانَ هو الأرشَدَ أو لم يُوجَدْ غيرُه؛ لأنه حِينئذٍ يَكونُ مَنصوبَ الواقفِ، أو أَذِنَ القاضي لهم بالإيجارِ، وإنَّما يَملكُ الإجارةَ المُتولِّي أو القاضي، وكذا لو كانَ الوَقفُ على رَجلٍ مُعيَّنٍ لا يَجوزُ له على ما عليهِ الفتوَى.

وقالَ الفَقيهُ أبو جَعفرٍ: إذا كانَ الأجرُ كلُّه للمَوقوفِ عليه بأنْ كانَ الوَقفُ لا يَحتاجُ إلى العِمارةِ كالحَوانيتِ والدُّورِ وليسَ معَه شَريكٌ في الوَقفِ حِينئذٍ جازَتِ الإجارةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>