للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الغَزاليُّ في المُستَصفَى: هذه المَسألةُ قَطعيَّةٌ ليستِ اجتِهاديَّةً، والمُصِيبُ فيها واحدٌ؛ لأنَّ مَنْ صحَّح الصَّلاةَ أخذَهُ من الإجماعِ، وهو قَطعيٌّ، ومَن أبطَلَها أخذَهُ مِنْ التَّضادِّ الذي بينَ القُربَةِ والمَعصِيَةِ، ويَدعِي كَونَ ذلك مُحَالًا بالعَقلِ، فالمَسألةُ قَطعيَّةٌ، ومَن صحَّحها يَقولُ هو عاصٍ مِنْ وَجهٍ، مُتَقرِّبٌ من وَجهٍ، ولا استِحالةَ في ذلك، إنَّما الاستِحالةُ في أن يَكونَ مُتقَرِّبًا من الوَجهِ الذي هو عاصٍ به، وقالَ القاضِي أبو بَكرٍ الباقِلَّانيُّ: يسقطُ الفَرضُ عندَ هذه الصَّلاةِ، لا بها، بدَليلِ الإجماعِ على سُقوطِ الفَرضِ إذا صلَّى (١).

وهل في هذه الصَّلاةِ ثَوابٌ؟

قالَ النَّوويُّ : الصَّلاةُ في الأرضِ المَغصوبةِ مُجزِئَةٌ مُسقِطةٌ لِلقَضاءِ، ولكِن لا ثَوابَ فيها، كذا قالَه جُمهورُ أصحابِنا. قالوا: فصَلاةُ الفَرضِ وغيرُها من الواجِباتِ إذا أتَى بها على وَجهِهَا الكامِلِ تَرتَّبَ عليها شَيئانِ: سُقوطُ الفَرضِ عنه، وحُصولُ الثَّوابِ، فإذا أدَّاها في أرضٍ مَغصوبةٍ حصَل الأوَّلُ دونَ الثَّاني (٢).

الصَّلاةُ في البِيَعِ والكَنائِسِ:

ذَهب الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى كَراهةِ الصَّلاةِ في البِيَعِ والكَنائِسِ؛ وعَلَّلُوا ذلك بأنَّها من مَواطِنِ الكُفرِ والشِّركِ؛ فهيَ أولَى بالكَراهَةِ مِنْ الحَمَّامِ والمَقبَرةِ والمَزبَلةِ، وبأنَّها من أماكنِ الغَضَبِ،


(١) «المجموع» (٣/ ١٦٥، ١٦٦).
(٢) «شرحُ مُسلِم» (١٤/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>