للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأبِ مع قُربِ الدارِ وإمكانِ اللِّقاءِ كلَّ وقتٍ لو قضَى به للأبِ، وقضَى أنْ لا تُوَلَّهُ والِدةٌ على وَلدِها، وأخبَرَ أنَّ مَنْ فرَّقَ بينَ والِدةٍ ووَلدِها فرَّقَ اللَّهُ بينَه وبينَ أحِبَّتِه يومَ القِيامةِ، ومنَعَ أنْ تُباعَ الأمُّ دونَ وَلدِها والوَلدُ دُونَها وإنْ كانَا في بلدٍ واحدٍ، فكيفَ يَجوزُ مع هذا التَّحيُّلُ على التَّفريقِ بينَها وبينَ وَلدِها تَفريقًا تَعِزُّ معه رُؤيتُه ولِقاؤُه ويَعزُّ عليها الصبْرُ عنه وفَقدُه؟ وهذا مِنْ أمحَلِ المُحالِ، بل قَضاءُ اللهِ ورَسولِه أحَقُّ أنَّ الوَلدَ للأُمِّ، سَافرَ الأبُ أو أقامَ، والنبيُّ قالَ للأمِّ: «أنتِ أحَقُّ به ما لم تَنكِحي»، فكيفَ يُقالُ: أنتِ أحَقُّ به ما لم يُسافِرِ الأبُ؟ وأينَ هذا في كِتابِ اللهِ أو في سُنةِ رَسولِ اللهِ أو فَتاوَى أصحابِه أو القِياسِ الصحيحِ؟ فلا نصَّ ولا قِياسَ ولا مَصلحةَ (١).

فهذهِ الشُّروطُ التي يَشتركُ الأبَوانِ في اعتِبارِهما فيهما.

فإنْ لم تَكنِ الأمُّ مِنْ أهلِ الحَضانةِ لفُقدانِ الشُّروطِ التي ذكَرْنا فيها أو بعضِها فهي كالمَعدومةِ، وتَنتقلُ إلى مَنْ يَليها في الاستحقاقِ، ولو كانَ الأبَوانِ مِنْ غيرِ أهلِ الحَضانةِ انتَقلتْ إلى مَنْ يَليهما؛ لأنهما كالمَعدومَينِ (٢).

وهُناكَ شَرطٌ خاصٌّ بالأمِّ، وهو:

الشَّرطُ الخامِسُ: أنْ تَكونَ الأمُّ خَليَّةً مِنْ زَوجٍ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الأمَّ إذا فارَقَتْ زوْجَها أنها أحَقُّ بوَلدِها مِنْ أبيه إذا توَّفرتْ فيها الشُّروطُ السابقةُ مِنْ العَقلِ والعَدالةِ والرُّشدِ وعَدمِ


(١) «إعلام الموقعين» (٣/ ٢٩٥).
(٢) «المغني» (٨/ ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>