للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُضرِّسِ الطائيِّ: «وقَد وقَف بعَرفةَ قبلَ ذلك لَيلًا أو نَهارًا فقَد أَتمَّ حجَّهُ وقضَى تَفَثَه» (١).

ووَجهُ الاستِدلالِ: أنَّ حَقيقةَ تَمامِ الحَجِّ المُتَبادِرةَ من الحَديثَين -أي: «الحَجُّ عَرفةُ»، و «فقدْ أَتمَّ حجَّهُ» - غيرُ مُرادةٍ لبَقاءِ طَوافِ الزِّيارةِ، وهو رُكنٌ إجماعًا، فتعيَّن القولُ بأنَّ الحَجَّ قد تمَّ حُكمًا، والتَّمامُ الحُكميُّ يَكونُ بالأمنِ من فَسادِ الحَجِّ بعدَه، فأفادَ الحَديثُ أنَّ الحَجَّ لا يَفسُدُ بعدَ عَرفةَ مهما صنَع المُحرِمُ (٢).

وإنَّما أوجَبنا البَدنةَ بما رُوي عن ابنِ عَباسٍ : «أنَّه سُئل عن رَجُلٍ وقَع على أهلِه وهو مُحرِمٌ وهو بمنًى قبلَ أنْ يُفيضَ، فأمَره أنْ يَنحرَ بَدنةً» (٣).

لو جامَع بعدَ التَّحلُّلِ الأولِ:

اتَّفَق الأئمَّةُ الأربَعةُ على أنَّ الجِماعَ بعدَ التَّحلُّلِ الأولِ لا يُفسِدُ الحَجَّ، وألحَق المالِكيةُ به الجِماعَ بعدَ طَوافِ الإفاضةِ ولو قبلَ الرَّميِ، والجِماعَ بعدَ يومِ النَّحرِ قبلَ الرَّميِ والإفاضةِ.


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: تقدَّم.
(٢) «تبيين الحقائق» (٢/ ٥٨)، و «فتح القدير» (٢/ ٢٤٠، ٢٤١)، و «المسلك المتسقط» (ص ٢٢٦)، و «الاستذكار» (٤/ ٢٥٨)، و «بداية المجتهد» (١/ ٤٩٥)، و «حاشية العدوي» (١/ ٤٨٥)، و «الشرح الكبير» (٢/ ٦٨)، و «الشرح الصغير» (٢/ ٦١).
(٣) رواه مالك في «الموطأ» (٨٥٨)، والشافعي في «الأم» (٧/ ٢٤٤)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٥/ ١٧١)، وقال النَّوويُّ في «المجموع» (٧/ ٣٣٥): إسنادُه صَحيحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>