للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحَّ، ولو أذِنَ لها غيرُه لَم يَصحَّ، دلَّ على خُروجِه مِنْ حُقوقِ الإِذنِ، وصحَّ بمُجردِ القَولِ.

ولأنَّه قد حظَرَ الخُروجُ عليها باليَمينِ، وأَباحَ لها الخُروجَ بالإِذنِ، فصارَ عَقدُها جامِعًا بينَ حَظرٍ وإِباحةٍ، والاستِباحةُ إذًا صادَفت إِباحةً لَم يَعلمْ بها المُستَبيحُ جَرى عليها حُكمُ الإِباحةِ دونَ الحَظرِ، كمَن استَباحَ مالَ رَجلٍ قد أَباحَ له، وهو لا يَعلمُ بإِباحتِه، جَرى على المالِ المُبتَدئِ حُكمُ الإِباحةِ اعتِبارًا بالمُبيحِ، ولَم يَجرِ عليه الحَظرُ اعتِبارًا بالمُستَبيحِ. كذلك حُكمُ هذه الخُروجُ. وتَحريرُه: أنَّها استِباحةٌ بعدَ إِباحةٍ، فلَم يَكنْ فَقدُ العِلمِ بها مُؤثرًا في حُكمِها كالمالِ.

ولأنَّها لا تَعلمُ بإذنِه، لبُعدِها تارةً، ولنَومِها أُخرَى، وقد وافَقوا أنَّه لو أذِنَ لها، وهي نائِمةٌ، فخرَجَت غيرَ عالِمةٍ بإذنِه لَم يَحنثْ، كذلك إذا أذِنَ لها، وهي بَعيدةٌ، فلم تَعلمْ بإذنِه حتى خرَجَت وجَبَ أنْ لا يَحنثْ.

وتَحريرُه: أنَّها يَمينٌ تَعلَّقَ البِرُّ فيها بالإِذنِ، فوجَبَ أنْ لا يَكونَ عَدمُ العِلمِ به مُوجبًا للحِنثِ، كالنَّائمةِ والنَّاسيةِ (١).

كَفارةُ اليَمينِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الحانِثَ في يَمينِه يَجِبُ عليه الكَفارةُ، وهي أربَعةُ أنواعٍ: الثَّلاثةُ الأُوَلُ على التَّخييرِ: إطعامُ عَشرةِ مَساكينَ


(١) «الحاوي الكبير» (١٥/ ٣٩٧، ٣٩٨)، و «الاختيار» (٤/ ٦٧)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣٩٨)، و «التنبيه» (١/ ١٧٩)، و «المهذب» (٢/ ٩٦)، و «جواهر العقود» (٢/ ١١١)، و «المغني» (١٠/ ١٠/ ٤٧)، و «الإنصاف» (٩/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>