للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُجرةُ ناظِرِ الوَقفِ:

لا خِلافَ بينَ العُلماءِ في الجُملةِ على أنَّ الناظِرَ يَستحِقُّ أُجرةً مُقابلَ عَملِه وقِيامِه بإدارةِ الوَقفِ والعِنايةِ بمَصالِحِه، والأصلُ في ذلكَ ما فعَلَه عُمرُ بنُ الخطَّابِ حَيثُ قالَ لوالي هذه الصَّدقةِ: «أنْ يَأكلَ منها غيرَ مُتأثِّلٍ مالًا»، وما فعَلَه عَليُّ بنُ أبي طالِبٍ حَيثُ جعَلَ نَفقةَ العَبيدِ الذينَ وقَفَهُم مع صَدَقتِه ليَقوموا بعِمارتِها مِنْ الغَلةِ، وهو بمَنزلةِ الأجيرِ في الوَقفِ (١).

ورَوَى البُخاريُّ في «صَحيحِه»: باب نَفقَة القَيِّمِ للوَقفِ، ثُمَّ رَوَى عن أبي هُريرةَ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «لا يَقتَسمْ وَرَثَتي دِينارًا، ما تَرَكتُ بعدَ نَفقةِ نِسائي ومَئُونةِ عاملِي فهو صَدقةٌ» (٢).

وعَن ابنِ عُمرَ «أنَّ عُمرَ اشتَرطَ في وَقفِه أنْ يَأكلَ مَنْ وَلِيَه ويُؤكِلَ صَديقَه غيرَ مُتَموِّلٍ مالًا» (٣).

قالَ ابنُ بَطَّالٍ : إنَّما أرادَ البخاريُّ بقَولِه «نَفقةُ القَيِّمِ للوَقفِ» -واللهُ أعلَمُ- أنْ يُبيِّنَ أنَّ المُرادَ بقَولِه : «مَئُونةِ عامِلي» أنه عامِلُ أرضِه التي أَفاءَها اللهُ عليه مِنْ بَني النَّضيرِ وفَدَكَ وسَهمِه مِنْ خَيبَرَ، وليسَ عامِلهُ حافِرَ قَبْرِه كما تَأوَّلَ بَعضُ الفُقهاءِ، واستَشهدَ على ذلكَ البخاريُّ


(١) «الإسعاف» ص (٥٣).
(٢) أخرجه البخاري (٢٦٢٤).
(٣) أخرجه البخاري (٢٦٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>