للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكنُ الثَّاني: المُوكِّلُ:

المُوكِّلُ هو مَنْ يُقيمُ غيرَه مَقامَ نَفْسِه في تَصرُّفٍ جائِزٍ مَعلومٍ، واشترَطَ الفُقهاءُ في المُوكِّلِ أنْ يَكونَ ممَّن يَملِكُ فِعلَ ما وُكِّلَ به بنَفْسِهِ؛ لأنَّ التَّوكيلَ تَفويضُ ما يَملِكُه مِنْ التَصرُّفِ إلى غيرِه، فما لا يَملِكُه بنَفْسِه كَيفَ يَحتَمِلُ التَّفويضَ إلى غيرِه، فعلى هذا اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه لا يَصحُّ التَّوكيلُ مِنْ المَجنونِ ولا المُغمَى عليه ولا الصَّبِيِّ الذي لا يَعقِلُ أصْلًا؛ لأنَّ العَقلَ مِنْ شَرائِطِ الأهليةِ؛ لأنَّهم لا يَملِكونَ التَّصرُّفَ بأنْفُسِهِم؛ فإذا لَم يَقدِرِ الأصْلُ على تَعاطي الشَّيءِ فنائِبُه أَوْلَى ألَّا يَقدِرَ.

ثم اختَلفَ الفُقهاءُ في الصَّبِيِّ المُميِّزِ، هَلْ يُشترَطُ الذُّكوريَّةُ والعَدالةُ والإسلامُ في بعضِ حالاتِ الوَكالةِ أو لا؟ على هذا التَّفصيلِ الآتي:

١ - الصَّبِيُّ المُميِّزُ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الصَّبِيِّ المُميِّزِ غيرِ البالِغِ، هَلْ يَصحُّ تَوكيلُه أو لا؟

فَذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ الصَّبِيَّ المُميِّزَ غيرَ البالِغِ لا يَخلو تَوكيلُه مِنْ ثَلاثِ حالاتٍ:

الحالةُ الأُولَى: ما فيها نَفْعٌ له مَحضٌ، كَقَبولِ الهِبةِ والصَّدَقةِ، فيَصحُّ عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ؛ لأنَّه ممَّا يَملِكُه بنَفْسِه بدُونِ إذْنِ وَليِّه، فيَملِكُ تَفويضَه إلى غيرِه بالتَّوكيلِ، وإنْ لَم يَأذَنِ الوَليُّ.

الحالةُ الثَّانيةُ: ما فيه ضَرَرٌ مَحضٌ، كالطَّلاقِ والعَتاقِ والهِبةِ والصَّدَقةِ ونحوِها مِنْ التَصرُّفاتِ الضَّارَّةِ، فهذا لا يَصحُّ التَّوكيلُ فيه باتِّفاقِهم جَميعًا؛

<<  <  ج: ص:  >  >>