للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : وإذا اختَلفَا في قَبضِ المَهرِ فالمُتَوجَّهُ: إنْ كانَتِ العادةُ الغالِبةُ جارِيةً بحُصولِ القَبضِ في هذهِ الدُّيونِ أو الأعيانِ فالقولُ قَولُ مَنْ يُوافِقُ العادةَ، وهوَ جارٍ على أُصولِنا وأصولِ مالِكٍ في تَعارُضِ الأصلِ والعادةِ، والظَّاهرُ أنهُ يُرجَّحُ، وفُرِّقَ بيْنَ دَلالةِ الحالِ المُطلَقةِ العامَّةِ وبيْنَ دَلالةِ الحالِ المُقيَّدةِ المَخصوصةِ، فأمَّا إنْ كانَتِ الزَّوجةُ وقْتَ العَقدِ فَقيرةً ثمَّ وُجدَ مَعها ألفُ دِرهمٍ فقالَ: «هذا هو الصَّداقُ» وقالَتْ: «أخَذْتُه مِنْ غَيرِه» ولم تُعيِّنْ ولم يَحدُثْ لها قَبضُ مثلِه فهو نَظيرُ تَعليمِ السُّورةِ المَشروطةِ، وفيها وَجهانِ، ونَظيرُه الإنفاقُ عليها والكُسوةُ، وفي هذهِ المواضِعِ كلِّها إذا أبدَتْ جِهةَ القَبضِ المُمكِنِ منها كالمُمكِنِ مِنْ الزَّوجِ فيَنبغِي أنَّ القولَ قولُها، وإلَّا فلا (١).

د- إذا اختَلفَا في الهَديةِ هل هيَ مِنْ المَهرِ أم لا؟

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لَو أهدَى الزَّوجُ إلى زَوجتِه هَديَّةً مِثلَ الذَّهبِ والشَّبْكَةِ وغَيرِها مِنْ الهَدايا ثم ادَّعى أنها مِنْ المَهرِ وأنكَرَتْ وقالَتْ: «بلْ هو هَديَّةٌ».

قالَ الحَنفيَّةُ: ومَن بعَثَ إلى امرأتِهِ شَيئًا فقالَتْ: «هو هَديَّةٌ» وقالَ: «هو مِنْ المهرِ» فالقولُ لهُ معَ يَمينِه في غَيرِ المُهيَّأِ للأكلِ؛ لأنهُ المُملِّكُ فكانَ أعرَفَ بجِهةِ التَّمليكِ، كما إذا قالَ: «أودَعتُكِ هذا الشيءَ» فقالَتْ: «بل وهبْتَهُ لي»، وكذا الظَّاهِرُ يَشهدُ لهُ؛ لأنهُ يَسعَى في إسقاطِ ما في ذمَّتِه، إلَّا في


(١) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٥٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>