للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل تُجبَرُ الأمُّ على الحَضانةِ؟

ذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ في الصَّحيحِ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ الأمَّ لا تُجبَرُ على حَضانةِ ابنِها؛ لاحتِمالِ عَجزِها؛ لأنَّ شفَقَتَها حامِلةٌ على الحَضانةِ، ولا تَصبِرُ عنه غالبًا إلا عن عَجزٍ، فلا معنَى للإيجابِ؛ لوُجودِ الحَملِ بدُونِه، فلا تُجبَرُ عليهِ.

وفي قَولٍ للحَنفيةِ أنها لا تُجبَرُ على الحَضانةِ إلا أنْ لا يَكونَ للوَلدِ ذُو رَحمٍ مَحرمٍ غيرَ الأمِّ، فحِينئذٍ تُجبَرُ على حَضانتِه كي لا يَضيعَ، بخِلافِ الأبِ حَيثُ يُجبَرُ على أخذِه إذا امتَنعَ بعدَ الاستغناءِ عن الأمِّ؛ لأنَّ نَفقتَه واجِبةٌ عليهِ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: لا تُجبَرُ الأمُّ على حَضانةِ وَلدِها إذا لم تَجبِ النَّفقةُ عليها للوَلدِ المَحضونِ، فإنْ وجَبَتْ كأنْ لم يَكنْ له أبٌ ولا مالٌ أُجبِرتْ؛ لأنها مِنْ جُملةِ النَّفقةِ، فهيَ حِينئذٍ كالأبِ (٢).

وقالَ الحَنابلةُ: لو امتَنعَتِ الأمُّ مِنْ الحَضانةِ لم تُجبَرْ عليها؛ لأنها غيرُ واجِبةٍ عليها (٣).


(١) «تبيين الحقائق» (٣/ ٤٧)، و «شرح فتح القدير» (٤/ ٣٦٨)، و «مجمع الأنهر» (٢/ ١٧٠)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٥٥٩)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٩٧).
(٢) «النجم الوهاج» (٨/ ٣٠٤)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٩٧)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ٢٥٤، ٢٥٥).
(٣) «الإنصاف» (٩/ ٤١٧)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>