اتَّفقَ أهلُ العِلمِ على أنَّ المُسلمَ إذا تَلفظَ بالكفرِ مُختارًا له ولو مُستهزِئًا أنه يَكونُ كافرًا، وقد ذَكَروا أقوالًا كثيرةً إذا قالَها المُسلمُ أو اعتَقدَها كفَرَ بها.
قالَ الحَنفيةُ: ومَن هزَلَ بلفظِ كُفرٍ ارتَدَّ وإنْ لم يَعتقدْه؛ للاستِخفافِ، فهو ككُفرِ العِنادِ، والألفاظُ التي يَكفرُ بها مُوجِبةٌ للرِّدةِ عن الإسلامِ حَقيقةً.
فيَكفُر إذا وصَفَ اللهَ تعالى بما لا يَليقُ به، أو سَخِرَ باسمٍ مِنْ أسمائِه، أو بأمرٍ مِنْ أوامِرِه، أو أنكَرَ وعْدَه أو وَعيدَه، أو جعَلَ له شَريكًا أو ولَدًا أو زَوجةً، أو نسَبَه إلى الجَهلِ أو العَجزِ أو النَّقصِ.
واختَلفوا في قَولِه:«فُلانٌ في عَيني كاليَهوديِّ في عَينِ اللهِ»، فكفَّرَه الجُمهورُ، وقيلَ: لا، إنْ عَنَى به استِقباحَ فِعلِه، وقيلَ: يَكفرُ إنْ عَنَى الجارِحةَ لا القُدرةَ، والأصَحُّ مَذهبُ المُتقدمينَ في المُتشابهِ كاليدِ.
ويَكفرُ بقولِ:«يَجوزُ أنْ يَفعلَ اللهُ فِعلًا لا حِكمةَ فيه»، وبإثباتِ المَكانِ للهِ تعالى، فإنْ قالَ:«اللهُ في السَّماءِ» فإنْ قصَدَ حِكايةَ ما جاءَ في ظاهِرِ الأخبارِ لا يَكفرُ، وإنْ أرادَ المَكانَ كفَرَ، وإنْ لم يكنْ له نِيةٌ كفَرَ عندَ الأكثرِ، وهو الأصَحُّ وعليهِ الفتوَى.
ويَكفرُ إنْ اعتَقدَ أنَّ اللهَ تعالى يَرضَى بالكُفرِ، وبقَولِه:«لو أنصَفنِيَ اللهُ تعالَى يومَ القِيامةِ انتَصفتُ منكَ، أو إنْ قَضَى اللهُ يومَ القِيامةِ، أو إذا أنصَفَ اللهُ»، وبقولِه:«بارَكَ اللهُ في كَذبِكَ»، وبقَولِه: «اللهُ جلَسَ للإنصافِ، أو قامَ