إذ قد تَعيَّنَ عليهم ألَّا يَكونَ مُتحرِّفًا لقِتالٍ أو مُتحيِّزًا إلى فِئةٍ أو أنْ يَكونَ الواحِدُ مع ثَلاثةٍ أو المِئةُ مع ثَلاثِمئةٍ؛ فإنَّه أُبيحَ لهم الفِرارُ، ولهم الثَّباتُ لا سيَّما مع غلَبَ ةِ ظنِّهم بالظُّهورِ (١).
الشَّرطُ الأولُ: الإسلامُ: اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ مِنْ شُروطِ وُجوبِ الجِهادِ الإسلامَ؛ لأنَّه مِنْ شُروطِ وُجوبِ سائرِ الفُروعِ، ولأنَّ الكافِرَ غيرُ مَأمونٍ في الجِهادِ، ولا يَأذَنُ له الإمامُ بالخُروجِ مع جَيشِ المُسلِمينَ عندَ كَثيرٍ من الفُقهاءِ؛ لِما رَوَت عائِشةُ ﵂ أنَّها قالَت: «خرَجَ رَسولُ اللهِ ﷺ قِبَلَ بَدرٍ فلمَّا كانَ بحَرَّةِ الوَبَرةِ أدرَكَه رَجلٌ قد كانَ يُذكَرُ منه جُرأةٌ ونَجدةٌ، ففرِحَ أصحابُ رَسولِ اللهِ ﷺ حينَ رَأوهُ، فلمَّا أدرَكَه قالَ لرَسولِ اللهِ ﷺ: جِئتُ لأتَّبعَك وأُصيبَ معك، قالَ له رَسولُ اللهِ ﷺ: تُؤمِنُ بِالله ورَسولِه؟ قالَ: لا، قالَ: فارجِعْ فلن أستَعينَ بمُشرِكٍ، قالَت: ثم مَضى حتى إذا كُنا بالشَّجَرةِ أدرَكَه الرَّجلُ، فقالَ له كما قالَ أوَّلَ مَرةٍ، فقالَ له النَّبيُّ ﷺ كما قالَ أوَّلَ مَرةٍ، قالَ: فارجِعْ فلن
(١) «الإفصاح» (٢/ ٣٠٠)، وينظر: «الهداية» (٢/ ١٣٥)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٢٤١)، و «درر الحكام» (٣/ ٣١٦)، و «حاشية العدوي» (٢/ ٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ١٧٥)، و «بلغة السالك» (٢/ ١٧٦)، و «مواهب الجليل» (٣/ ٣٤٨)، و «منح الجليل» (٣/ ١٤٢)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ٢١٥)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢١٩)، و «المغني» (٩/ ١٦٣)، و «شرح الزركشي» (٣/ ١٦٤)، و «الإنصاف» (٤/ ١١٧)، و «فقه الجِهاد» (١/ ١٠٩، ١١٦).