للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قَولٍ ثالِثٍ أنَّها جائِزةٌ مِنْ جِهةِ العامِلِ، لَازِمةٌ مِنْ جِهةِ المالِكِ (١).

هل يُشترَطُ ذِكرُ المدَّةِ في عَقدِ المُزارَعةِ؟

اختَلفَ الفُقهاءُ في المُزارَعةِ: هَلْ يُشترَطُ لَها ذِكرُ مدَّةٍ أو تَجوزُ بغَيرِ ذِكْرِ مدَّةٍ.

فذهبَ الحَنفيَّةُ إلى أنَّه يُشترَطُ أنْ تَكونَ المدَّةُ مَعلومةً في المُزارَعةِ؛ فلا تَصحُّ المُزارَعةُ إلَّا بعدَ بَيانِ المدَّةِ؛ لأنَّها تَنعقِدُ إجارةً ابتِداءً، وشَرِكةً انتِهاءً، ولأنَّ العَقدَ يُرَدُّ على مَنفَعةِ ربِّ الأرضِ، إنْ كانَ البَذْرُ مِنْ جِهةِ العامِلِ، وعَلَى مَنفَعةِ العامِلِ إنْ كانَ البَذْرُ مِنْ جِهةِ ربِّ الأرضِ، والمَنفَعةُ هُنا لا يُعرَفُ مِقدارُها إلَّا ببَيانِ المدَّةِ؛ فكانَ مِعيارًا لِلمَنفَعةِ.

وَيُشترَطُ في المدَّةِ: ألَّا تَكونَ أقَلَّ ممَّا يُمكِنُ فيه الزِّراعةُ، وألَّا تَكونَ لا يَعيشُ إلى مِثلِها أحَدَهُما في الأغلَبِ.

وَعِنْدَ مُحمَّدٍ جَوازُها بلا بَيانٍ لِلمدَّةِ، وتَقعُ على أوَّلِ زَرعٍ يَخرُجُ واحِدًا، قالَ ابنُ عابِدينَ: وبِه أخَذَ الفَقيهُ، وعليه الفَتوَى، وإنَّما شرطَ مُحمَّدٌ بَيانَ المدَّةِ في الكُوفةِ ونَحوِها؛ لأنَّ وَقتَها مُتفاوِتٌ عِندَهم، ولأنَّ ابتِداءَها وانتِهاءَها مَجهولانِ عِندَهم. اه.

لَكِنْ قالَ في الخانية، بعدَ ذِكرِه ذلك: والفَتوَى على جَوابِ الكِتابِ، أي: مِنْ أنَّه شَرطٌ.


(١) «المغني» (٥/ ٢٣٣، ٢٣٤)، و «الكافي» (٢/ ٢٩٠)، و «المبدع» (٥/ ٤٩)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٧٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٣١، ٣٦٠)، و «الروض المربع» (٢/ ٨٤)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٠٤، ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>