للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالةُ الثَّانيةُ: أنْ تَدَّعيَ انقضاءَ العدَّةِ بالأقراءِ في أقَلَّ مِنْ ثَلاثةِ أشهُرٍ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو طلقَتِ المَرأةُ ثمَّ ادَّعتِ انقِضاءَ عدَّتِها في أقلَّ مِنْ ثلاثةِ أشهُرٍ وأنكَرَ الزوجُ انقِضاءَها، هل يُقبلُ قَولُها أم لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ أقلَّ مدَّةٍ تُصدَّقُ فيها المَرأةُ إذا ادَّعتِ انقضاءَ عدَّتِها سِتُّونَ يومًا عندَ الإمامِ أبي حَنيفةَ، فلا تُصدَّقُ في أقَلَّ مِنْ ذلكَ.

واختَلفَ مُحمدٌ والحسَنُ بنُ زِيادٍ -رحمهما الله- في تَخريجِ قَولِ أبي حَنيفةَ ، فعلى ما ذكَرَه مُحمدٌ : يُجعلُ كأنَّ الطلاقَ كانَ في أولِ الطُّهرِ؛ تحرُّزًا عن إيقاعِ الطلاقِ في الطُّهرِ بعدَ الجِماعِ، ويُجعلُ طُهرُها خَمسةَ عشرَ يَومًا، ويُجعلُ حَيضُها خَمسةً؛ إذْ هي الوَسطُ، فتَنقضي عدَّتُها بثلاثةِ أطهارٍ كلُّ طُهرٍ خَمسةَ عشرَ يَومًا، وثَلاثِ حِيَضٍ كلُّ حَيضٍ خَمسةٌ، فجُملةُ ذلكَ ستُّونَ يومًا.

وعلى ما رَواهُ الحسَنُ عنه : يُجعلُ كأنَّ الطلاقَ كانَ في آخِرِ الطُّهرِ؛ تحرُّزًا عن تَطويلِ العدَّةِ عليها، وطُهرُها خَمسةَ عشرَ وحَيضُها عشَرةً؛ لأنه وجَبَ تَقديرُ الطُّهرِ بأقلِّ الطُّهرِ نَظرًا للمَرأةِ، ووجَبَ تَقديرُ الحَيضِ بأكثَرِ الحَيضِ نَظرًا للزوجِ، فتَنقضي عدَّتُها بطُهرَينِ كلُّ طُهرٍ خَمسةَ عشرَ وثَلاثِ حِيَضٍ كلُّ حَيضٍ عشرةٌ، فجُملةُ ذلكَ ستُّونَ يَومًا.

وعندَ أبي يُوسفَ ومُحمدٍ: أقلُّ مدَّةٍ تُصدَّقُ فيها تَسعةٌ وثَلاثونَ يَومًا؛ لأنها أمينةٌ في الإخبارِ عمَّا في رحِمِها، فيَجبُ قَبولُ قَولِها إنْ أخبَرتْ بما هو

<<  <  ج: ص:  >  >>