للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل يُشترطُ إذْنُ الإمامِ لوُجوبِ الجِهادِ؟

لم يَشترطْ أحَدٌ من فُقهاءِ الإسلامِ إذْنَ الإمامِ لجِهادِ الدَّفعِ ولا أيَّ شَرطٍ من شُروطِ جِهادِ الطَّلبِ السابِقِ بَيانُها.

قالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : وأمَّا قِتالُ الدَّفعِ فهو أشَدُّ أنواعِ دَفعِ الصائِلِ عن الحُرمةِ والدِّينِ فواجِبٌ إجماعًا؛ فالعَدوُّ الصائِلُ الذي يُفسِدُ الدِّينَ والدُّنيا لا شَيءَ أوجَبَ من دَفعِه، فلا يُشترطُ له شَرطٌ؛ بل يُدفَعُ بحسَبِ الإمكانِ، وقد نَصَّ على ذلك العُلماءُ أصحابُنا وغيرُهم، فيَجبُ التَّفريقُ بينَ دَفعِ الصائِلِ الظالِمِ الكافِرِ وبينَ طَلبِه في بِلادِه (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ أيضًا: وإذا دخَلَ العَدوُّ بِلادَ الإسلامِ فلا رَيبَ أنَّه يَجبُ دَفعُه على الأقرَبِ فالأقرَبِ؛ إذْ بِلادُ الإسلامِ كلُّها بمَنزِلةِ البَلدةِ الواحِدةِ، ويَجبُ النَّفيرُ إليه بلا إذْنِ والِدٍ ولا غَريمٍ، ونُصوصُ أحمدَ صَريحةٌ بهذا (٢).

وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ : وفَرضُ الجِهادِ على الكِفايةِ يَتولَّاه الإمامُ ما لمْ يَتعيَّنْ (٣). يَعني: إنْ تَعيَّنَ لمْ يُشترطْ له إذْنُ الإمامِ.

وجاءَ في مَسائلِ عبدِ اللهِ بنِ الإمامِ أحمدَ لأبيه قالَ: سألتُ أبي عن قَومٍ من أهلِ خُراسانَ بينَهم وبينَ العَدوِّ حائِطٌ تَرى لهم أنْ يُقاتِلوا؟


(١) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٦٠٨).
(٢) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٦٠٩).
(٣) «الإقناع» ص (١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>