للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تَصحُّ الوَكالةُ في بَيعِ ما سَيَملِكُه عَقِبَ الوَكالةِ تَبَعًا لِلمَبيعِ المَملوكِ له وَقتَ التَّوكيلِ؛ كَقَولِ المُوكِّلِ لِوَكيلِه: بِعْ هذا الحَيَوانَ وما يَحدُثُ مِنْ نِتاجِه، أو بِعْه واشتَرِ بثَمَنِه كذا، أي: شِقصًا مَعلومًا، فأمَّا قَولُ المُوكِّلِ لِوَكيلِه: بِعْ ما يَحصُلُ مِنْ نحوِ لَبَنِ البَهيمةِ، كَنِتاجِها وصُوفِها وشَعرِها، فلا يَصحُّ؛ لأنَّه غيرُ مَوجودٍ (١).

الشَّرطُ الثَّاني: أنْ يَكونَ المُوكَّلُ فيه مَعلومًا مِنْ بعضِ الوُجوهِ:

اشترَطَ الفُقهاءُ في المُوكَّلِ فيه أنْ يَكونَ مَعلومًا، ولو مِنْ بعضِ الوُجوهِ، ولا يُشترَطُ العِلمُ فيه مِنْ كلِّ وَجهٍ، وإذا لَم تَكُنْ كَذلك بطَلتْ.

قالَ العمرانيُّ : ولا تَصحُّ الوَكالةُ إلَّا في تَصرُّفٍ مَعلومٍ، فإنْ قالَ: وَكَّلتُكَ في كلِّ قَليلٍ وكَثيرٍ لَم يَصحَّ، وبِه قالَ عامَّةُ العُلماءِ (٢).

وَقَدْ سبَقتِ المَسألةُ بالتَّفصيلِ في أنواعِ الوَكالةِ في «الوَكالةِ العامَّةِ والوَكالةِ الخاصةِ»، وسبَق ذِكْرُ أقوالِ العُلماءِ في اشتِراطِ العِلمِ بالمُوكَّلِ فيه بالتَّفصيلِ، وأنا أذكُرُها هُنا مُختصَرةً.

قالَ الحَنفيَّةُ: الأصْلُ أنَّ الجَهالةَ إذا كانَتْ تَمنَعُ الِامتِثالَ، ولا يُمكِنُ دَرْكُها، تَمنَعُ صِحَّةَ الوَكالةِ، وإلَّا فلا، والجَهالةُ ثَلاثةُ أنواعٍ:

جَهالةٌ فاحِشةٌ: وهي الجَهالةُ في الجِنسِ، فتَمنَعُ صِحَّةَ الوَكالةِ، سَواءٌ


(١) «الإنصاف» (٥/ ٣٥٥، ٣٥٦)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٤٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٠٥)، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ٢٦٠)
(٢) «البيان» (٦/ ٤٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>