للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَدمَين- أو هو لمَوضعِ المَشقةِ في نَوعِ الخُفَّينِ؟ فمَن رآه لمَوضعِ السَّتْرِ، لم يَجزِ المَسحُ على الخُفِّ المُنخرِقِ؛ لأنَّه إذا انكشَفَ من القَدمِ شَيءٌ انتقَلَ فَرضُهما من المَسحِ إلى الغَسلِ.

ومَن رَأى أنَّ العِلةَ في ذلك المَشقةُ لم يَعتبِرِ الخَرقَ ما دامَ يُسمَّى خُفًّا.

وأمَّا التَّفريقُ بينَ الخَرقِ الكَثيرِ والخَرقِ اليَسيرِ فاستِحسانٌ ورَفعٌ للحَرجِ.

وقالَ الثَّوريُّ: كانَت خِفافُ المُهاجِرين والأنصارِ لا تَسلَمُ من الخُروقِ كخِفافِ الناسِ، فلو كانَ في ذلك حَظرٌ لورَدَ ونُقلَ عنهم.

قُلتُ: هذه المَسألةُ مَسكوتٌ عنها، فلو كانَ فيها حُكمٌ مع عُمومِ الابتِلاءِ به لبيَّنَه وقد قالَ تَعالى: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤] (١).

ب- أنْ يَكونَ الخُفُّ من جِلدٍ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الخُفِّ هل يُشترطُ فيه أنْ يَكونَ من جِلدٍ فقط أو يَجوزُ من كلِّ خُفٍّ مَصنوعٍ من قُماشٍ أو صُوفٍ أو قُطنٍ؟

فذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّه يُشترطُ في الخُفِّ أنْ يَكونَ مَصنوعًا من جِلدٍ دونَ غيرِه فلا يَجوزُ عندَهم المَسحُ على الخُفِّ المُتَّخذِ من قُماشٍ وصُوفٍ وقُطنٍ ونَحوِ ذلك، إلا إذا أُكسيَت بالجِلدِ، كما اشتَرَطوا أنْ يَكونَ الجِلدُ مَخروزًا أو مَخيطًا، فلا يَجوزُ المَسحُ على الذي يَتماسَكُ باللَّصقِ (٢).

ويَرى جُمهورُ العُلماءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ جَوازَ المَسحِ على الخُفِّ المَصنوعِ من الجِلدِ أو غيرِه بشَرطِ أنْ يَكونَ الخُفُّ مانِعًا من وُصولِ


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٤٢).
(٢) «الشرح الصغير» (١/ ١٠٦، ١٠٧)، وجواهر الإكليل (١/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>