للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ المَرأةَ إذا مضَتْ مدَّةُ الإيلاءِ وعفَتْ عن المُطالَبةِ بعدَ وُجوبِها سقَطَ حقُّها، وليسَ لها المُطالَبةُ بعدَه؛ لأنها رَضيَتْ بإسقاطِ حقِّها مِنْ الفَسخِ لعَدمِ الوَطءِ، فسقَطَ حقُّها منهُ، كامرَأةِ العِنِّينِ إذا رَضيَتْ بعُنَّتِه.

وإنْ سكتَتْ عن المُطالَبةِ ثمَّ طالبَتْ بعدُ فلها ذلكَ؛ لأنَّ حقَّها يَثبتُ على التَّراخِي، فلم يَسقطْ بتأخيرِ المُطالَبةِ كاستِحقاقِ النَّفقةِ (١).

إذا ترَكَ الوطءَ مِنْ غيرِ يَمينٍ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الزوجِ إذا امتَنعَ عن جِماعِ زَوجتِه بغيرِ يَمينٍ، هل يَصيرُ مُوليًا بذلكَ أم لا؟

فذهَبَ المالِكيةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الزوجَ إذا ترَكَ وطْءَ زوْجتِه بغَيرِ يَمينٍ حلَفَها إضرارًا بها، أو تضرَّرَتْ هي بتَركِ الوَطءِ وإنْ لم يَقصدْ ذلكَ أُمِرَ بوَطئِها، فإنْ أبَى وأقامَ على امتِناعِه مُضرًّا بها طلَّقَ الحاكمُ عليهِ فَورًا مِنْ غيرِ ضَربِ أجَلٍ، سَواءٌ كانَ التَّاركُ للوَطءِ حاضِرًا أم غائبًا، وإلا أمهَلَه باجتِهادِه، فلعَلَّه يَتركُ ما هو عليه؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، وقولِه: ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا﴾ [البقرة: ٢٣١]، ولأنَّ الذي


(١) «المغني» (٧/ ٤٣٠، ٤٣١)، و «المبدع» (٨/ ٢٧)، و «الإنصاف» (٩/ ١٨٩)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>