وفي قَولٍ اختارَه المَرداويُّ وغَيرُه: يَصِحُّ، ويَكونُ كقَولِه بسَبَبِها.
وإنْ قالَ:«علَيَّ كذا بسَبَبِ حَملِ هذه البَهيمةِ» لم يَصِحَّ إقرارُه؛ لأنَّه لا يُمكِنُ إيجابٌ بشَيءٍ بسَبَبِ الحَملِ إلا أنْ يَنفصِلَ الحَملُ مَيتًا ويَدَّعيَ مالِكُها أنَّه بسَبَبِه فيَلزَمُه ما أقَرَّ به.
وإنْ أقَرَّ لمَسجِدٍ أو مَقبَرةٍ أو طَريقٍ ونَحوِه كقَنطَرةٍ وسِقايةٍ صحَّ الإقرارُ، ولو لم يَذكُرْ سَبَبًا كغَلةِ وَقفٍ أو وَصيةٍ؛ لأنَّه إِقرارٌ مِنْ مُكلَّفٍ مُختارٍ فلَزِمَه كما لو عَيَّنَ السَّبَبَ، ويَكونُ لمَصالِحِها.
ولا يَصحُّ الإِقرارُ لدارٍ ونَحوِها إلا مع بَيانِ السَّبَبِ مِنْ غَصبٍ أو إجارةٍ ونَحوِهما؛ لأنَّ الدارَ لا تَجري عليها صَدَقةٌ في الغالِبِ بخِلافِ المَسجِدِ ونَحوِه (١).
الإِقرارُ للحَملِ:
نَصَّ فُقهاءُ المَذاهِبِ الأربَعةِ على أنَّ المُقِرَّ إذا أقَرَّ لحَملٍ مَوجودٍ بمالٍ وعَزاه إلى إرثٍ أو وصيةٍ صَحَّ؛ لأنَّ ما قالَه مُمكِنٌ والخَصمُ في ذلك وَليُّ الحَملِ.
واختَلَفوا فيما لو أطلَقَ، هل يَصحُّ أو لا؟
فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في الأظهَرِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ ومُحمدُ بنُ الحَسَنِ مِنْ الحَنفيةِ إلى أنَّه إنْ أقَرَّ لحَملٍ وأطلَقَ فإنَّه يَصحُّ حَملًا للكَلامِ
(١) «المغني» (٥/ ٨٩)، و «المبدع» (١٠/ ٣٠٨)، و «الإنصاف» (١٢/ ١٤٥، ١٤٦)، و «كشاف القناع» (٦/ ٥٨١).