الشَّرطُ الرابعُ: التَّسميةُ عندَ الرَّميِ أو الإرسالِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ هل تَجبُ التَّسميةُ عندَ الرَّميِ أو عندَ الإرسالِ مُطلَقًا؟ أم هيَ سُنةٌ وليسَتْ واجِبةً؟ أم واجِبةٌ عندَ الذِّكرِ وتَسقطُ عندَ النِّسيانِ؟
فذهَبَ الحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ التَّسميةَ واجِبةٌ عندَ إرسالِ الجارِحِ أو رَميِ السِّلاحِ، فإنْ ترَكَ التسميةَ عَمدًا أو سَهوًا لم يُبَحِ الصَّيدُ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١٢١]، وقالَ: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [المائدة: ٤].
وقالَ النبيُّ ﷺ:«إذا أرسَلْتَ كَلبَكَ وسَمَّيتَ فكُلْ، قلتُ: أُرسِلُ كَلبِي فأخَذَ معه كَلبًا آخَرَ؟ قالَ: لا تَأكلْ، فإنَّكَ إنما سَمَّيتَ على كَلبِكَ ولم تُسَمِّ على الآخَرِ»، مُتفَقٌ عليهِ، وفي لَفظٍ:«وإذا خالَطَ كِلابًا لم يُذكرِ اسمَ اللهِ عليهَا فأمسَكْنَ وقَتَلْنَ فلا تَأكلْ»، وفي حَديثِ أبي ثَعلبةَ:«وما صِدْتَ بقَوسِكَ فذَكَرتَ اسمَ اللهِ عليهِ فكُلْ».
وهذهِ نُصوصٌ صَحيحةٌ لا يُعرَّجُ على ما خالَفَها، وقولُه ﷺ:«عُفيَ لأمَّتي عن الخَطأِ والنِّسيانِ» يَقتضِي نفيَ الإثمِ لا جعْلَ الشَّرطِ المَعدومِ كالمَوجودِ؛ بدَليلِ ما لو نَسيَ شرْطَ الصلاةِ.
والفَرقُ بينَ الصَّيدِ والذَّبيحةِ أنَّ الذَّبحَ وقَعَ في مَحلِّه، فجازَ أنْ يُتسامَحَ فيه بخِلافِ الصَّيدِ.