للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ المُنذِرِ: أكثَرُ أهلِ العِلمِ على أنَّه لا كَفَّارةَ عليه، وهو قَولُ أهلِ المَدينةِ والشامِ والعِراقِ، لأنَّها عِبادةٌ لا تَجِبُ بأصلِ الشَّرعِ، فلَم تَجِبْ بإفسادِها كَفارةٌ كالنَّوافِلِ، ولأنَّها عِبادةٌ لا يَدخُلُ المالُ في جُبرانِها فلم تَجِبِ الكَفَّارةُ بإفسادِها كالصَّلاةِ، ولأنَّ وُجوبَ الكَفَّارةِ إنَّما يَثبُتُ بالشَّرعِ ولم يَرِدِ الشَّرعُ بإيجابِها فتَبقَى على الأصلِ.

وذهَب الإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ اختارَها القاضي إلى أنَّ عليه كَفَّارةً (١).

٢ - الخُروجُ من المَسجدِ:

اتَّفَق الفُقهاءُ على أنَّ الخُروجَ من المَسجِدِ لِلرَّجلِ والمَرأةِ (وكذلك خُروجُ المَرأةِ من مَسجِدِ بَيتِها عندَ الحَنفيَّةِ) إذا كان لِغَيرِ حاجةٍ يُفسِدُ الاعتِكافَ الواجِبَ، وألحَقَ المالِكيَّةُ وأبو حَنيفةَ -في رِوايةِ الحَسنِ عنه- بالواجِبِ الاعتِكافَ المَندوبَ أيضًا، سَواءٌ كان الخُروجُ يَسيرًا أو كَثيرًا؛ لأنَّ الخُروجَ يُنافي اللُّبثَ، وما يُنافي الشَّيءَ يَستَوي فيه القَليلُ والكَثيرُ، كالأكلِ والشُّربِ في الصَّومِ، والحَدثِ في الطُّهرِ.


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٥)، و «ابن عابدين» (٢/ ٤٩٥)، و «تبين الحقائق» (١/ ٣٢٥)، و «المبسوط» (٣/ ١٢٣)، و «أحكام القرآن» للجصاص (١/ ٣٠٧)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٥٣)، و «الاستذكار» (٣/ ٤٠٣)، و «تفسير القرطبي» (٢/ ٣٣٢)، و «الذخيرة» (٢/ ٤٥٥)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٤٥٦)، و «شرح الزرقاني» (٢/ ٢٨٤)، و «المجموع» (٦/ ٥١٠)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٢٠٦)، و «المغني» (٤/ ٢٧٦)، و «الإنصاف» (٣/ ٣٨٠)، و «الإفصاح» (١/ ٤٣٧)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>